نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 575
فجعل له المطالبة برأس المال ، وقد تضمن ذلك أمر الذي عليه الدين بقضائه وترك الامتناع من أدائه ، فإنه متى امتنع منه كان له ظالما ولاسم الظلم مستحقا ، وإذا كان كذلك استحق العقوبة وهي الحبس . والوجه الآخر من الدلالة عليه : قوله تعالى في نسق التلاوة : ( لا تظلمون ولا تظلمون ) يعني والله أعلم : لا تظلمون بأخذ الزيادة ولا تظلمون بالنقصان من رأس المال ، فدل ذلك على أنه متى امتنع من أداء جميع رأس المال إليه كان ظالما له مستحقا للعقوبة . واتفق الجميع على أنه لا يستحق العقوبة بالضرب ، فوجب أن يكون حبسا ، لاتفاق الجميع على أن ما عداه من العقوبات ساقط عنه في أحكام الدنيا . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما دلت عليه الآية ، وهو ما حدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال : حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن وبر بن أبي دليلة ، عن محمد بن ميمون ، عن عمرو بن الشريد ، عن أبيه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ) قال : ( لي الواجد يحل عرضه وعقوبته ) قال ابن المبارك : يحل عرضه : يغلظ له ، وعقوبته : يحبس . وروى ابن عمر وجابر وأبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( مطل الغني ظلم ، وإذا أحيل أحدكم على ملئ فليحتل ) فجعل مطل الغني ظلما ، والظالم لا محالة مستحق العقوبة وهي الحبس ، لاتفاقهم على أنه لم يرد غيره . وحدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا معاذ بن أسد قال : أخبرنا النضر بن شميل قال : أخبرنا هرماس بن حبيب - رجل من أهل البادية - عن أبيه عن جده قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بغريم لي ، فقال لي : ( ألزمه ! ) ثم قال : ( يا أخا بني تميم ما تريد أن تفعل بأسيرك ؟ ) وهذا يدل على أن له حبس الغريم ، لأن الأسير يحبس ، فلما سماه أسيرا له دل على أن له حبسه . وكذلك قوله : ( لي الواجد يحل عرضه وعقوبته ) والمراد بالعقوبة هنا الحبس ، لأن أحدا لا يوجب غيره . واختلف الفقهاء في الحال التي توجب الحبس ، فقال أصحابنا : إذا ثبت عليه شئ من الديون من أي وجه ثبت فإنه يحبس شهرين أو ثلاثة ، ثم يسأل عنه فإن كان موسرا تركه في الحبس أبدا حتى يقضيه ، وإن كان معسرا خلى سبيله . وذكر ابن رستم عن محمد عن أبي حنيفة : أن المطلوب إذا قال إني معسر وأقام البينة على ذلك ، أو قال : فسل عني ، فلا يسأل عنه أحدا ، وحبسه شهرين أو ثلاثة ثم يسأل عنه إلا أن يكون معروفا بالعسر ، فلا يحبسه . وذكر الطحاوي عن أحمد بن أبي عمران قال : كان متأخرو أصحابنا ، منهم محمد بن شجاع ، يقولون : ( إن كل دين كان أصله من مال وقع في يدي المدين كأثمان البياعات والعروض ونحوها ، فإنه يحبسه به ، وما لم يكن أصله من مال
575
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 575