نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 523
رزقهن وكسوتهن بالمعروف ) فأوجبها عليه بالمعروف . ولو كان معسرا لا يقدر على شئ لم يخرج عن حكم الآية ، لأن له ذمة تثبت فيها النفقة بالمعروف حتى إذا وجدها أعطاها ، كذلك المقتر في حكم المتعة ، وكسائر الحقوق التي تثبت في الذمة وتكون الذمة كالأعيان ، ألا ترى أن شراء المعسر بمال في ذمته جائز وقامت الذمة مقام العين في باب ثبوت البدل فيها ؟ فكذلك ذمة الزوج المقتر ذمة صحيحة يصح إثبات المتعة فيها كما تثبت فيها النفقات وسائر الديون . قال أبو بكر : في هذه الآية دلالة على جواز النكاح بغير تسمية مهر ، لأن الله تعالى حكم بصحة الطلاق فيه مع عدم التسمية ، والطلاق لا يقع إلا في نكاح صحيح . وقد تضمنت الدلالة على أن شرطه أن لا صداق لها لا يفسد النكاح ، لأنها لما لم يفرق بين من سكت عن التسمية وبين من شرط أن لا صداق ، فهي على ا لأمرين جميعا . وزعم مالك أنه إذا شرط أن لا مهر لها فالنكاح فاسد فإن دخل بها صح النكاح ولها مهر مثلها . وقد قضت الآية بجواز النكاح ، وشرطه أن لا مهر لها ليس بأكثر من ترك التسمية ، فإذا كان عدم التسمية لا يقدح في العقد فكذلك شرطه أن لا مهر لها . وإنما قال أصحابنا إنها غير واجبة للمدخول بها ، لأنا قد بينا أن المتعة بدل من البضع ، وغير جائز أن تستحق بدلين ، فلما كانت مستحقة بعد الدخول المسمى أو مهر المثل لم يجز أن تستحق معه المتعة . ولا خلاف أيضا بين فقهاء الأمصار أن المطلقة قبل الدخول لا تستحقها على وجه الوجوب إذا وجب لها نصف المهر ، فدل ذلك من وجهين على ما ذكرنا : أحدهما أنها لم تستحقه مع وجوب بعض المهر ، فأن لا تستحقه مع وجوب جميعه أولى . والثاني : أن المعنى فيه أنها قد استحقت شيئا من المهر ، وذلك موجود في المدخول بها . فإن قيل : لما وجبت المتعة حين لم يجب شئ من المهر وجب أن يكون وجوبها عند استحقاق المهر أولى . قيل له : فينبغي أن تستحقها إذا وجب نصف المهر لوجوبها عند عدم شئ منه ، وأيضا فإنما استحقتها عند فقد شئ من المهر لعلة أن البضع لا يخلو من بدل قيل الطلاق وبعده . فلما لم يجب المهر وجبت المتعة ، ولما استحقت بدلا آخر لم يجز أن تستحقها . فإن قيل : قال الله تعالى : ( وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين ) وذلك عام في سائرهن إلا ما خصه الدليل . قيل له : هو كذلك ، إلا أن المتاع اسم لجميع ما ينتفع به ، قال الله تعالى : ( وفاكهة وأبا متاعا لكم ولأنعامكم ) [ عبس : 31 و 32 ] وقال تعالى : ( متاع قليل ثم مأواهم جهنم ) [ آل عمران : 197 ] وقال تعالى : ( إنما هذه الحياة الدنيا متاع ) [ غافر : 39 ] وقال الأفوه الأودي :
523
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 523