نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 520
أحد أن يكون من المحسنين ، وكذلك قوله تعالى : ( حقا على المتقين ) قد دل قوله ( حقا عليه ) على الوجوب ، وقوله تعالى : ( حقا على المتقين ) تأكيدا لإيجابها . وكذلك قوله تعالى : ( فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا ) [ الأحزاب : 49 ] قد دل على الوجوب من حيث هو أمر . وقوله تعالى : ( وللمطلقات متاع بالمعروف ) يقتضي الوجوب أيضا ، لأنه جعلها لهم ، وما كان للإنسان فهو ملكه له المطالبة به ، كقولك ( هذه الدار لزيد ) . فإن قيل : لما خص المتقين والمحسنين بالذكر في إيجاب المتعة عليهم ، دل على أنها غير واجبة وأنها ندب ، لأن الواجبات لا يختلف فيها المتقون والمحسنون وغيرهم . قيل له : إنما ذكر المتقين والمحسنين تأكيدا لوجوبها ، وليس تخصيصهم بالذكر نفيا لايجابها على غيرهم كما قال تعالى : ( هدى للمتقين ) [ البقرة : 2 ] وهو هدى للناس كافة ، وقوله تعالى : ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس ) [ البقرة : 183 ] فلم يكن قوله تعالى : ( هدى للمتقين ) [ البقرة : 2 ] موجبا لأن لا يكون هدى لغيرهم ، كذلك قوله تعالى : ( حقا على المتقين ) و ( حقا على المحسنين ) غير ناف أن يكون حقا على غيرهم . وأيضا فإنا نوجبها على المتقين والمحسنين بالآية ونوجبها على غيرهم بقوله تعالى : ( فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا ) [ الأحزاب : 49 ] وذلك عام في الجميع بالإتفاق ، لأن كل من أوجبها من فقهاء الأمصار على المحسنين والمتقين أوجبها على غيرهم . ويلزم هذا السائل أن لا يجعلها ندبا أيضا ، لأن ما كان ندبا لا يختلف فيه المتقون وغيرهم ، فإذا جاز تخصيص المتقين والمحسنين بالذكر في المندوب إليه من المتعة وهم وغيرهم فيه سواء ، فكذلك جائز تخصيص المحسنين والمتقين بالذكر في الإيجاب ويكونون هم وغيرهم فيه سواء . فإن قيل : لما لم يخصص المتقين والمحسنين في سائر الديون من الصداق وسائر عقود المداينات عند إيجابهم عليهم وخصهم بذلك عند ذكر المتعة ، دل على أنها ليست بواجبة . قيل له : إذا كان لفظ الإيجاب موجودا في الجميع ، فالواجب علينا الحكم بمقتضى اللفظ ثم تخصيصه بعض من أوجب عليه الحق بذكر التقوى ، والإحسان إنما هو على وجه التأكيد ، ووجوه التأكيد مختلفة ، فمنها ما يكون ذكر بتقييد التقوى والإحسان ، ومنها ما يكون بتخصيص لفظ الأداء نحو قوله تعالى : ( وآتوا النساء صدقاتهن نحلة ) [ النساء : 4 ] وقوله تعالى : ( فليؤد الذي اؤتمن أمانته وليتق الله ربه ) [ البقرة : 283 ] ، ومنها ما يكون بالأمر بالإشهاد عليه والرهن به ، فكيف يستدل بلفظ التأكيد على نفي الإيجاب ؟ ! وأيضا فإنا وجدنا عقد النكاح لا يخلو من إيجاب البدل إن كان مسمى ، فالمسمى وإن لم يكن فيه تسمية فمهر المثل ، ثم كانت حاله إذا كان فيه تسمية أن البضع
520
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 520