responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 499


اللبن ، وكان عند أبي حنيفة أنه ستة أشهر بعد الحولين ، وذلك اجتهاد في التقدير والمقادير التي طريقها الاجتهاد لا يتوجه على القائل بها سؤال ، نحو تقويم المستهلكات وأروش الجنايات التي لم يرد بمقاديرها توقيف ، وتقدير متعة النساء بعد الطلاق وما جرى مجرى ذلك ، ليس لأحد مطالبة من غلب على ظنه شئ من هذه المقادير بإقامة الدلالة عليه . فهذا أصل صحيح في هذا الباب تجري مسائله فيه على منهاج واحد ، ونظيره ما قال أبو حنيفة في حد البلوغ : ( إنه ثماني عشرة سنة وإن المال لا يدفع إلى البالغ الذي لم يؤنس رشده إلا بعد خمس وعشرين سنة ) في نظائر لذلك من المسائل التي طريق إثبات المقادير فيها الاجتهاد .
فإن قال قائل : وإن كان طريقة الاجتهاد فلا بد من جهة يغلب معها في النفس اعتبار هذا المقدار بعينه دون غيره ، فما المعنى الذي أوجب من طريق الاجتهاد اعتبار ستة أشهر بعد الحولين دون سنة تامة على ما قال زفر ؟ قيل له : أحد ما يقال في ذلك أن الله تعالى لما قال : ( وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ) [ الأحقاف : 15 ] ثم قال : ( وفصاله في عامين ) [ لقمان : 14 ] فعقل من مفهوم الخطابين كون الحمل ستة أشهر ، ثم جازت الزيادة عليه إلى تمام الحولين ، إذ لا خلاف أن الحمل قد يكون حولين ، ولا يكون عندنا الحمل أكثر منهما فلا يخرج الحمل المذكور في هذه الجملة من جملة الحولين ، كذلك الفصال لا يخرج من جملة ثلاثين شهرا ، لأنهما جميعا قد انتظمتهما الجملة المذكورة في قوله تعالى : ( وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ) [ الأحقاف : 15 ] . وكان أبو الحسن يقول في ذلك : ( لما كان الحولان هما الوقت المعتاد للفطام وقد جازت الزيادة عليه بما ذكرنا ، وجب أن تكون مدة الانتقال من غذاء اللبن بعد الحولين إلى غذاء الطعام ستة أشهر ، كما كانت مدة انتقال الولد في بطن الأم إلى غذاء الطعام بالولادة ستة أشهر ، وذلك أقل مدة الحمل ) .
فإن قال قائل : قوله تعالى : ( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ) نص على أن الحولين تمام الرضاع ، فغير جائز أن يكون بعده رضاع .
قيل له : إطلاق لفظ الإتمام غير مانع من الزيادة عليه ، ألا ترى أن الله تعالى قد جعل مدة الحمل ستة أشهر في قوله ( وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ) [ الأحقاف : 15 ] وقوله تعالى : ( وفصاله في عامين ) [ لقمان : 14 ] ؟ فجعل مجموع الآيتين الحمل ستة أشهر ، ثم لم تمتنع الزيادة عليها ، فكذلك ذكر الحولين للرضاع غير مانع جواز الزيادة عليهما ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من أدرك عرفة فقد تم حجه ) ولم تمتنع زيادة الفرض عليها . وأيضا فإن ذلك تقدير لما يلزم الأب من أجرة الرضاع وأنه غير مجبر على أكثر منهما ، لإثباته

499

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 499
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست