نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 498
وعن عمر وابن عمر : ( لا رضاع إلا ما كان في الصغر ) . وهذا يدل من قولهم على ترك اعتبار الحولين ، لأن عليا علق الحكم بالفصال ، وعمر وابنه بالصغر من غير توقيت . وعن أم سلمة أنها قالت : ( إنما يحرم من الرضاع ما كان في الثدي قبل الفطام ) ، وعن أبي هريرة : ( لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء وكان في الثدي قبل الفطام ) فعلق الحكم بما كان قبل الفطام وبما فتق الأمعاء ، وهو نحو ما روي عن عائشة أنها قالت : ( إنما يحرم من الرضاعة ما أنبت اللحم والدم ) . فهذا كله يدل على أنه لم يكن من مذهبهم اعتبار الحولين . وقد روي عن عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس أنهما قالا : ( لا رضاع بعد الحولين ) وما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( الرضاعة من المجاعة ) يدل على أنه غير متعلق بالحولين ، لأنه لو كان الحولان توقيتا له لما قال : ( الرضاعة من المجاعة ) ولقال : الرضاعة في الحولين ، فلما لم يذكر الحولين وذكر المجاعة - ومعناها أن اللبن إذا كان يسد جوعته ويقوي عليه بدنه فالرضاعة في تلك الحال ، وذلك قد يكون بعد الحولين - فاقتضى ظاهر ذلك صحة الرضاع الموجب للتحريم بعد الحولين . وفي حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا رضاع بعد فصال ) وذلك يوجب أنه إذا فصل بعد الحولين أن ينقطع حكمه بعد ذلك . وكذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( الرضاعة ما أنبت اللحم وأنشز العظم ) ودلالته على نفي توقيت الحولين بمدة الرضاع لدلالة الأخبار المتقدمة . وقد حكي عن ابن عباس قول : ( لست أثق بصحة النقل فيه ) وهو أنه يعتبر ذلك بقوله تعالى : ( وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ) [ الأحقاف : 15 ] فإن ولدت المرأة لستة أشهر فرضاعه حولان كاملان ، وإن ولدت لتسعة أشهر فأحد وعشرون شهرا ، وإن ولدت لسبعة أشهر فثلاثة وعشرون شهرا يعتبر فيه تكملة ثلاثين شهرا بالحمل والفصال جميعا ، ولا نعلم أحدا من السلف والفقهاء بعدهم اعتبر ذلك . ولما كانت أحوال الصبيان تختلف في الحاجة إلى الرضاع ، فمنهم من يستغني عنه قبل الحولين ومنهم من لا يستغني عنه بعد كمال الحولين ، واتفق الجميع على نفي الرضاع للكبير وثبوت الرضاع للصغير على ما قدمنا من الرواية فيه عن السلف ، ولم يكن الحولان حدا للصغير إذ لا يمتنع أحد أن يسميه صغيرا وإن أتى عليه حولان ، علمنا أن الحولين ليس بتوقيف لمدة الرضاع ، ألا ترى أنه صلى الله عليه وسلم لما قال : ( الرضاعة من المجاعة ) وقال ( الرضاعة ما أنبت اللحم وأنشز العظم ) فقد اعتبر معنى تختلف فيه أحوال الصغار وإن كان الأغلب أنهم قد يستغنون عنه بمضي الحولين ؟ فسقط اعتبار الحولين في ذلك . ثم مقدار الزيادة عليهما طريقه الاجتهاد ، لأنه تحديد بين الحال التي يكتفي فيها باللبن في غذائه وينبت عليه لحمه ، وبين الانتقال إلى الحال التي يكتفى فيها بالطعام ويستغني عن
498
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 498