نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 469
أبي طالب كرم الله وجهه : ( لو أن الناس أصابوا حد الطلاق ما ندم رجل طلق امرأته ) . فإن قيل : لما كان عاصيا في إيقاع الثلاث معا لم يقع ، إذ ليس هو الطلاق المأمور به ، كما لو وكل رجل رجلا بأن يطلق امرأته ثلاثا في ثلاثة أطهار لم يقع إذا جمعهن في طهر واحد . قيل له : أما كونه عاصيا في الطلاق فغير مانع صحة وقوعه لما دللنا عليه فيما سلف ، ومع ذلك فإن الله جعل الظهار منكرا من القول وزورا وحكم مع ذلك بصحة وقوعه ، فكونه عاصيا لا يمنع لزوم حكمه ، والإنسان عاص لله في ردته عن الاسلام ولم يمنع عصيانه من لزوم حكمه وفراق امرأته ، وقد نهاه الله عن مراجعتها ضرارا بقوله تعالى : ( ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ) فلو راجعها وهو يريد ضرارها لثبت حكمها وصحت رجعته . وأما الفرق بينه وبين الوكيل ، فهو أن الوكيل إنما يطلق لغيره وعنه يعبر ، وليس يطلق لنفسه ولا يملك ما يوقعه ، ألا ترى أنه لا يتعلق به شئ من حقوق الطلاق وأحكامه ؟ فلما لم يكن مالكا لما يوقعه وإنما يصح إيقاعه لغيره من جهة الأمر إذ كانت أحكامه تتعلق بالأمر دونه ، لم يقع متى خالف الأمر ، وأما الزوج فهو مالك الطلاق وبه تتعلق أحكامه وليس يوقع لغيره ، فوجب أن يقع من حيث كان مالكا للثلاث ، وارتكاب النهي في طلاقه غير مانع وقوعه كما وصفنا في الظهار والرجعة والردة وسائر ما يكون به عاصيا ، ألا ترى أنه لو وطئ أم امرأته بشبهة حرمت عليه امرأته ؟ وهذا المعنى الذي ذكرناه من حكم الزوج في ملكه للثلاث من الوجوه التي ذكرنا يدل على أنه إذا أوقعهن معا وقع ، إذ هو موقع لما ملك . ويدل عليه من جهة السنة حديث ابن عمر الذي ذكرنا سنده حين قال : أرأيت لو طلقتها ثلاثا أكان لي أن أراجعها ؟ فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم : ( لا ، كانت تبين ويكون معصية ) وحدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا سليمان بن داود قال : حدثنا جرير بن حازم ، عن الزبير بن سعيد ، عن عبد الله بن علي بن يزيد بن ركانة ، عن أبيه ، عن جده ، أنه طلق امرأته البتة ، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( ما أردت بالبتة ؟ ) قال : واحدة ، قال : ( الله ؟ ) قال : الله ! قال : ( هو على ما أردت ) فلو لم تقع الثلاث إذا أراها لما استحلفه بالله ما أراد إلا واحدة . وقد تقدم ذكر أقاويل السلف فيه ، وأنه يقع وهو معصية فالكتاب والسنة وإجماع السلف توجب إيقاع الثلاث معا وإن كانت معصية . وذكر بشر بن الوليد عن أبي يوسف أنه قال : كان الحجاج بن أرطاة خشنا ، وكان يقول : طلاق الثلاث ليس بشئ . وقال محمد بن إسحاق : الطلاق الثلاث ترد إلى الواحدة ، واحتج بما رواه عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال : طلق ركانة بن عبد يزيد امرأته ثلاثا في مجلس واحد ، فحزن عليها حزنا شديدا ، فسأله رسول
469
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 469