responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 468


بينا أن ذلك خلاف السنة ، فإذا كان في مضمون الآية الحكم بجواز وقوع الاثنتين على هذا الوجه ، دل ذلك على صحة وقوعهما لو أوقعهما معا لأن أحدا لم يفرق بينهما . وفيها الدلالة عليه من وجه آخر ، وهو قوله تعالى : ( فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره ) فحكم بتحريمها عليه بالثالثة بعد الاثنتين ولم يفرق بين إيقاعهما في طهر واحد أو في أطهار ، فوجب الحكم بإيقاع الجميع على أي وجه أوقعه من مسنون أو غير مسنون ومباح أو محظور .
فإن قيل : قدمت بديا في معنى الآية أن المراد بها بيان المندوب إليه والمأمور به من الطلاق ، وإيقاع الطلاق الثلاث معا خلاف المسنون عندك ، فكيف نحتج بها في إيقاعها على غير الوجه المباح والآية لم تتضمنها على هذا الوجه ؟ ! قيل له : قد دلت الآية على هذه المعاني كلها من إيقاع الاثنتين والثلاث لغير السنة ، وأن المندوب إليه والمسنون تفريقها في الأطهار ، وليس يمتنع أن يكون مراد الآية جميع ذلك ، ألا ترى أنه لو قال ( طلقوا ثلاثا في الأطهار وإن طلقتم جميعا معا وقعن ) كان جائزا ؟ وإذا لم يتناف المعنيان واحتملتهما كل الآية وجب حملها عليهما .
فإن قيل : معنى هذه الآية محمول على ما بينه بقوله : ( فطلقوهن لعدتهن ) [ الطلاق : 1 ] وقد بين الشارع الطلاق للعدة ، وهو أن يطلقها في ثلاثة أطهار إن أراد إيقاع الثلاث ، ومتى خالف ذلك لم يقع طلاقه . قيل له : نستعمل الآيتين على ما تقتضيانه من أحكامهما ، فنقول : إن المندوب إليه المأمور به هو الطلاق للعدة على ما بينه في هذه الآية ، وإن طلق لغير العدة وجمع الثلاث وقعن لما اقتضه الآية الأخرى ، وهي قوله تعالى : ( الطلاق مرتان ) وقوله تعالى : ( فإن طلقها فلا تحل له من بعد ) إذ ليس في قوله ( فطلقوهن ) [ الطلاق : 1 ] نفي لما اقتضته هذه الآية الأخرى ، على أن في فحوى الآية التي فيها ذكر الطلاق للعدة دلالة على وقوعها إذا طلق لغير العدة ، وهو قوله تعالى :
( فطلقوهن لعدتهن ) [ الطلاق : 1 ] إلى قوله تعالى : ( وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ) [ الطلاق : 2 ] فلولا أنه إذا طلق لغير العدة وقع ما كان ظالما لنفسه بإيقاعه ولا كان ظالما لنفسه بطلاقه . وفي هذه الآية دلالة على وقوعها إذا طلق لغير العدة ، ويدل عليه قوله تعالى في نسق الخطاب : ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ) [ الطلاق : 2 ] يعني والله أعلم : أنه إذا أوقع الطلاق على ما أمره الله كان له مخرجا مما أوقع إن لحقه ندم وهو الرجعة . وعلى هذا المعنى تأوله ابن عباس حين قال للسائل الذي سأله وقد طلق ثلاثا : إن الله يقول : ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ) [ الطلاق : 2 ] وإنك لم تتق الله فلم أجد لك مخرجا ، عصيت ربك وبانت منك امرأتك . ولذلك قال علي بن

468

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 468
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست