نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 464
عوف طلق امرأته تماضر تطليقتين ، ثم قال لها في مرضه : إن أخبرتني بطهرك لأطلقنك ، فبين في هذا الحديث أنه لم يطلقها ثلاثا مجتمعة . وقد روي في حديث فاطمة بنت قيس شبيها بهذا ، وهو ما حدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا موسى بن إسماعيل قال : حدثنا أبان بن يزيد العطار قال : حدثنا يحيى بن أبي كثير قال : حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن ، أن فاطمة بنت قيس حدثته : أن أبا حفص بن المغيرة طلقها ، وأن خالد بن الوليد ونفر من بني مخزوم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا نبي الله إن أبا حفص بن المغيرة طلق امرأته ثلاثا وإنه ترك لها نفقة يسيرة ! فقال : ( لا نفقة لها ) وساق الحديث . فيقول المحتج لإباحة إيقاع الثلاث معا بأنهم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم : إنه طلقها ثلاثا ، فلم ينكره . وهذا خبر قد أجمل فيه ما فسر في غيره ، وهو ما حدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا يزيد بن خالد الرملي قال : حدثنا الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة ، عن فاطمة بنت قيس ، أنها أخبرته أنها كانت عند أبي حفص بن المغيرة وأن أبا حفص بن المغيرة طلقها آخر ثلاث تطليقات ، فزعمت أنها جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذكر الحديث . قال أبو داود : وكذلك رواه صالح بن كيسان وابن جريج وشعيب بن أبي حمزة كلهم عن الزهري . فبين في هذا الحديث ما أجمل في الحديث الذي قبله أنه إنما طلقها آخر ثلاث تطليقات ، وهو أولى لما فيه من الإخبار عن حقيقة الأمر ، والأول فيه ذكر الثلاث ولم يذكر إيقاعهن معا ، فهو محمول على أنه فرقهن على ما ذكر في هذا الحديث الذي قبله . فثبت بما ذكرنا من دلائل الكتاب والسنة واتفاق السلف أن جمع الثلاث محظور . فإن قيل فيما قدمناه من دلالة قوله تعالى : ( الطلاق مرتان ) على حظر جمع الاثنتين في كلمة واحدة : أنه من حيث دل على ما ذكرت فهو دليل على أن له أن يطلقها في طهر واحد مرتين ، إذ ليس في الآية تفريقهما في طهرين وفيه إباحة تطليقتين في مرتين ، وذلك يقتضي إباحة تفريق الاثنتين في طهر واحد ، وإذا جاز ذلك في طهر واحد جاز جمعهما بلفظ واحد إذ لم يفرق أحد بينهما . قيل له : هذا غلط من قبل أن ذلك اعتبار يؤدي إلى اسقاط حكم اللفظ ورفعه رأسا وإزالة فائدته ، وكل قول يؤدي إلى رفع حكم اللفظ فهو ساقط ، وإنما صار مسقطا لفائدة اللفظ وإزالة حكمه من قبل أن قوله تعالى : ( الطلاق مرتان ) قد اقتضى تفريق الاثنتين وحظر جمعهما في لفظ واحد على ما قدمنا من بيانه ، وإباحتك لتفريقهما يكون في طهر واحد يؤدي إلى إباحة جمعهما في كلمة واحدة ، وفي ذلك رفع حكم اللفظ ، ومتى حضرنا تفريقهما وجمعهما في طهر واحد وأبحناه مع في طهرين ، فليس فيه وقع حكم اللفظ ، بل فيه استعماله على الخصوص في بعض المواضع دون بعض ،
464
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 464