نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 465
فلم يؤد قولنا بالتفريق في طهرين إلى رفع حكمه وإنما أوجب تخصيصه ، إذ كان اللفظ موجبا للتفريق ، واتفق الجميع على أنه إذا أوجب التفريق فرقهما في طهرين ، فخصصنا تفريقهما في طهر واحد بدلالة الاتفاق مع استعمال حكم اللفظ ، ومتى أبحنا التفريق في طهر واحد أدى ذلك إلى رفع حكم اللفظ رأسا حتى يكون ذكره للطلاق مرتين وتركه سواء ، وهذا قول ساقط مردود . واحتج من أباح ذلك أيضا بحديث عويمر العجلاني حين لاعن النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين امرأته ، فلما فرغا من لعانهما قال : كذبت عليها إن أمسكتها هي طالق ثلاثا ! ففارقها قبل أن يفرق النبي صلى الله عليه وسلم بينهما . قال : فلما لم ينكر الشارع صلى الله عليه وسلم إيقاع الثلاث معا ، دل على إباحته . وهذا الخبر لا يصح للشافعي الاحتجاج به ، لأن من مذهبه أن الفرقة قد كانت وقعت بلعان الزوج قبل لعان المرأة فبانت منه ولم يلحقها طلاق ، فكيف كان ينكر عليها طلاقا لم يقع ولم يثبت حكمه ! فإن قيل : فما وجهه على مذهبك ؟ قيل له : جائز أن يكون ذلك قبل أن يسن الطلاق للعدة ومنع الجمع بين التطليقات في طهر واحد ، فلذلك لم ينكر عليه الشارع صلى الله عليه وسلم . وجائز أيضا أن تكون الفرقة لما كانت مستحقة من غير جهة الطلاق ، لم ينكر عليه إيقاعها بالطلاق . وأما من قال سنة الطلاق أن لا يطلق إلا واحدة ، وهو ما حكيناه عن مالك بن أنس والليث والحسن بن حي والأوزاعي ، فإن الذي يدل على إباحة الثلاث في الأطهار المتفرقة قوله تعالى : ( الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ) وفي ذلك إباحة لإيقاع الاثنتين ، ولما اتفقنا على أنه لا يجمعهما في طهر واحد وجب استعمال حكمهما في الطهرين . وقد روي في قوله تعالى : ( أو تسريح بإحسان ) أنه للثالثة ، وفي ذلك تخيير له في إيقاع الثلاث قبل الرجعة ، ويدل عليه قوله تعالى : ( يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن ) [ الطلاق : 1 ] قد انتظم إيقاع الثلاث للعدة ، وذلك لأنه معلوم أن المراد لأوقات العدة كما بينه الشارع صلى الله عليه وسلم في قوله : ( يطلقها طاهرا من غير جماع أو حاملا قد استبان حملها فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء ) . وإذا كان المراد به أوقات الأطهار تناول الثلاث ، كقوله تعالى : ( أقم الصلاة لدلوك الشمس ) [ الإسراء : 78 ] قد عقل منه تكرار فعل الصلاة لدلوكها في سائر الأيام ، كذلك قوله ( فطلقوهن لعدتهن ) [ الطلاق : 1 ] لما كان عبارة عن أوقات الأطهار اقتضى تكرار الطلاق في سائر الأوقات . وأيضا لما جاز له إيقاع الطلاق في الطهر الأول لأنها طاهر من غير جماع طهرا لم يوقع فيه طلاقا ، جاز إيقاعه في الطهر الثاني لهذه العلة . وأيضا لما اتفقوا على أنه لو
465
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 465