نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 448
الطلاق عدة إذ كانت بها تعتد ؟ وأما قوله تعالى : ( وأحصوا العدة ) [ الطلاق : 1 ] فإن الاحصاء ليس بمختص بالطهر دون الحيض ، لأن كل ذي عدد فالاحصاء عمرو يلحقه . فإن قيل : إذا كان الذي يلي الطلاق هو الطهر وقد أمرنا بالإحصاء ، فأوجب أن ينصرف الأمر بالإحصاء إليه ، قبل لأن الأمر على الفور . قيل له : هذا غلط ، لأن الإحصاء إنما ينصرف إلى أشياء ذوي عدد ، فأما شئ واحد قبل انضمام غيره إليه فلا عبرة بإحصائه ، فإذا لزوم الإحصاء يتعلق بما يوجد في المستقبل من الإقراء متراخيا عن وقت الطلاق ، ثم حينئذ الطهر لا يكون أولى به من الحيض ، إذ كانت سمة الإحصاء تناولهما جميعا وتلحقهما على وجه واحد . وأيضا فيلزمك على هذا أن تقول إنها لو حاضت عقيب الطلاق أن تكون عدتها بالحيض للزوم الإحصاء عقيبه ، والذي يليه في هذه المحال الحيض ، فينبغي أن يكون هو العدة . وقال بعض المخالفين ممن صنف في أحكام القرآن ، قوله تعالى : ( فطلقوهن لعدتهن ) [ الطلق : 1 ] معناه : في عدتهن ، كما يقول الرجل كتب لغرة الشهر ، معناه : في هذا الوقت . وهذا غلط ، لأن ( في ) هي ظرف ، واللام وإن كانت متصرفة على معان فليس في أقسامها التي تتصرف عليها وتحتملها كونها ظرفا ، والمعاني التي تنقسم إليها لام الإضافة خمسة : منها لام الملك ، كقولك : ( له مال ) ولام الفعل ، كقولك ( له كلام وله حركة ) ولام العلة ، كقولك ( قام لأن زيدا جاءه ، وأعطاه لأنه سأله ) ولام النسبة ، كقولك ( له أب وله أخ ) ولام الاختصاص ، كقولك ( له علم وله إرادة ) ولام الاستغاثة ، كقولك ( يا لبكر ويا لدارم ) ولام كي ، وهو قوله تعالى : ( وليرضوه وليقترفوا ) [ الأنعام : 113 ] ولام العاقبة ، كقوله تعالى : ( ليكون لهم عدوا وحزنا ) [ القصص : 8 ] . فهذه المعاني التي تنقسم إليها هذه اللام ليس في شئ منها ما ذكره هذا القائل ، وهو مع ذلك ظاهر الفساد ، لأنه إذا كان قوله تعالى : ( فطلقوهن لعدتهن ) [ الطلاق : 1 ] معناه : في عدتهن ، فينبغي أن تكون العدة موجودة حتى يطلقها فيها ، كما لو قال قائل ( طلقها في شهر رجب ) لم يجز له أن يطلقها قبل أن يوجد منه شئ ، فبان بذلك فساد قول هذا القول وتناقضه . ومما يدل على أن قوله تعالى ( وأحصوا العدة ) [ الطلاق : 1 ] لا دلالة فيه على أنه الطهر الذي مسنون فيه طلاق السنة ، أنه لو طلقها بعد الجماع في الطهر لكان مخالفا للسنة ولم يختلف حكم ما تعتد به عند الفريقين بكونه جميعا من حيض أو طهر ، فدل ذلك على أنه لا تعلق لإيقاع طلاق السنة في وقت الطهر بكونه عدة محصاة منها ، ويدل عليه أنه لو طلقها وهي حائض لكانت معتدة عقيب الطلاق ، ونحن مخاطبون بإحصاء
448
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 448