نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 447
أمر الله أن تطلق بها النساء ) وذلك إشارة إلى الطهر دون الحيض ، فدل على أن العدة بالأطهار دون الحيض . والثاني : قوله تعالى : ( وأحصوا العدة ) [ الطلاق : 1 ] وذلك عقيب الطلاق في الطهر ، فوجب أن يكون المحصى هو بقية الطهر ، وهو الذي يلي الطلاق . فيقال له : أما قولك ( فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء ) فإن اللام قد تدخل في ذلك لحال ماضية ومستقبلة ، ألا ترى إلى قوله صلى الله عليه وسلم : ( صوموا لرؤيته ) يعني لرؤية ماضية ؟ وقال تعالى : ( ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها ) [ الإسراء : 19 ] يعني الآخرة ؟ فاللام ههنا للاستقبال والتراخي ، ويقولون : تأهب للشتاء ، يعني وقتا مستقبلا متراخيا عن حال التأهب ، وإذا كان اللفظ محتملا للماضي والمستقبل ، ومتى تناول المستقبل فليس في مقتضاه وجوده عقيب المذكور بلا فصل . وإذا كان كذلك ووجدنا قوله صلى الله عليه وسلم لابن عمر فيه ذكر حيضة ماضية والحيضة المستقبلة معلومة وإن لم تكن مذكورة ، وذلك في قوله : ( مرة فليراجعها ثم ليدعها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم ليطلقها إن شاء ، فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء ) فاحتمل أن يكون ذلك إشارة إلى الحيضة الماضية ، فيدل ذلك على أن العدة إنما هي الحيض . وجائز أن يريد حيضة مستقبلة ، إذ هي معلوم كونها على مجرى العادة ، فليس الطهر حينئذ بأولى بالاعتبار من الحيض ، لأن الحيض في المستقبل وإن لم يكن مذكورا فجائز أن يراد به إذا كان معلوما ، كما أنه لم يذكر طهرا بعد الطلاق وإنما ذكر طهرا قبله ، ولكن الطهر لما كان معلوما وجوده بعد الطلاق إذا طلقها فيه على مجرى العادة جاز عندك رجوع الكلام إليه وإرادته باللفظ ، ومع ذلك فجائز أن تحيض عقيب الطلاق بلا فصل ، فليس إذا في اللفظ دلالة على أن المعتبر في الاعتداد به هو الطهر دون الحيض . ومع ذلك فقد دل على أنه لو طلقها في آخر الطهر فحاضت عقيب الطلاق بلا فصل أن عدتها ينبغي أن تكون الحيض دون الطهر بمقتضى لفظه صلى الله عليه وسلم ، إذ ليس في اللفظ ذكر حيض بعد الطلاق ولا طهر ، فإذا حاضت عقيب الطلاق كان ذلك عدتها . ثم لم يفرق أحد في اعتبار الحيض بين وجوده عقيب الطلاق ومتراخيا عنه ، فأوجب ذلك أن يكون الحيض هو المعتد به من الإقراء دون الطهر . فإن قيل : الحيضة الماضية غير جائز أن تكون مرادة بالخبر ، لأن ما قبل الطلاق من الحيض لا يكون عدة . قيل له : إذا كانت تعتد به بعد الطلاق جاز أن يسميها عدة ، كما قال تعالى : ( حتى تنكح زوجا غيره ) فسماه زوجا قبل النكاح . ويلزم مخالفنا من ذلك ما لزمنا ، لأنه صلى الله عليه وسلم ذكر الطهر وأمره أن يطلقها فيه ولم يذكر الطهر الذي بعد الطلاق ، فقد سمى الطهر الذي قبله عدة لأنه به تعتد عندك ، فما أنكرت أن تسمي الحيضة التي قبل
447
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 447