نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 446
ذلك في سائر الانتقالات من الحيض إلى الطهر ؟ فإذا لم يمكنه الانفصال مما ذكرنا وتعارضا سقطا وزال الاحتجاج به . فإن قيل : اعتبار خروجها من طهر إلى حيض أولى من اعتبار خروجها من حيض إلى طهر ، لأن في انتقالها من طهر إلى حيض دلالة على براءة رحمها من الحبل ، وخروجها من حيض إلى طهر غير دال على ذلك ، لأنه قد يجوز أن تحبل المرأة في آخر حيضها : ويدل عليه قول تأبط شرا : ومبرأ هذه من كل غبر حيضة * وفساد مرضعة وداء مغيل يعني إن أمه لم تحبل به في بقية حيضها . فيقال له : قولك ( إنه يجوز أن تحبل به في بقية حيضها ) قول خطأ ، لأن الحبل لا يجامعه الحيض ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا توطأ حامل حتى تضع ولا حائل حتى تستبرئ بحيضة ) فجعل وجود الحيض علما لبراءة رحمها من الحبل ، فثبت أن الحمل والحيض لا يجتمعان ، ومتى حملت المرأة وهي حائض ارتفع الحيض ، ولا يكون الدم الموجود من الحبل حيضا وإنما يكون دم استحاضة ، وإذا كان كذلك فقولك ( إن خروجها من الحيض إلى الطهر لا دلالة فيه على براءة رحمها ) قول خطأ . وأما استشهاده بقول تأبط شرا فإنه من العجائب ، وما علم هذا الشاعر الجاهل بذلك وقد قال الله تعالى : ( ويعلم ما في الأرحام ) [ لقمان : 34 ] وقال تعالى : ( عالم الغيب ) [ الأنعام : 73 ] يعني أنه استأثر بعلم ذلك دون خلقه وأن الخلق لا يعلمون منه إلا ما علمهم ، مع دلالة قول النبي صلى الله تعالى عليه وسلم على انتفاء اجتماع الحيض والحبل . ومع ذلك فإن ما ذكره هذا القائل دلالة على صحة قولنا ، لأنه إذا كانت العدة بالإقرار إنما هي لاستبراء الرحم من الحبل ، والطهر لا استبراء فيه لأن سعيد الحمل طهر ، وجب أن يكون الاعتبار بالحيض التي هي علم البراءة الرحم من الحبل ، إذ ليس في الطهر دلالة عليه . ويدل على أن العدة بالأقراء استبراء أنها لو رأت الدم ثم ظهر بها حبل كانت العدة هي الحبل ، فدل ذلك على أن العدة لذوات الأقراء إنما هي استبراء من الحبل ، والإستبراء من الحبل إنما يكون بالحيض لا بالطهر من وجهين ، أحدهما : أن عدة الشهور للصغيرة والآيسة طهر صحيح وليس باستبراء ، والمعنى الآخر : أن الطهر مقارن للحبل ، فدل على أن الاستبراء لا يقع بما يقارنه وإنما يقع بما ينافيه وهو الحيض ، فيكون دلالة على براءة رحمها من الحبل ، فوجب أن تكون العدة بالحيض دون الأطهار . واحتج من اعتبر الأطهار بقوله تعالى : ( فطلقوهن لعدتهن ) وقول النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لعمر حين طلق ابنه امرأته حائضا : ( مرة فليراجعها ثم ليدعها حتى تطهر ثم ليطلقها إن شاء فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق بها النساء ) . قال : فهذا يدل من وجهين على أنها بالأطهار ، أحدهما : قوله بعد ذكره الطلاق في الطهر : ( فتلك العدة التي
446
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 446