نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 443
تعالى بعلم ما في الأرحام ولم يطلع عباده عليه ، فمن أين لك القضاء باجتماع الدم في حال الطهر ثم سيلانه في وقت الحيض ؟ وما أنكرت ممن قال إنما يجتمع من سائر البدن ويسيل في وقت الحيض لا قبل ذلك ؟ ويكون أولى بالحق منك ، لأنا قد علمنا يقينا وجوده في هذا الوقت ولم نعلم وجوده في وقت قبله فلا يحكم به لوقت متقدم ، وإذ قد بينا وقوع الاسم عليهما وبينا حقيقة ما يتناوله هذا الاسم في اللغة . فليدل على أنه اسم للحيض دون الطهر في الحقيقة وأن إطلاقه على الطهر إنما هو مجاز واستعارة ، وإن كان ما قدمنا من شواهد اللغة وما يحتمله اللفظ من حقيقتها كافية في الدلالة على أن حقيقته تختص بالحيض دون الطهر ، فنقول : لما وجدنا أسماء الحقائق التي لا تنتفي عن مسمياتها بحال ووجدنا أسماء المجاز قد يجوز أن تنتفي عنها في حال وتلزمها في أخرى ، ثم وجدنا اسم القرء غير منتف عن الحيض بحال ووجدناه قد ينتفي عن الطهر لأن الطهر موجود في الآيسة والصغيرة وليستا من ذوات الأقراء ، علمنا أن اسم القرء للطهر الذي بين الحيضتين مجاز وليس بحقيقة ، سمي بذلك لمجاورته للحيض كما يسمى الشئ باسم غيره إذا كان مجاورا له وكان منه بسبب ، لا ترى أنه حين جاور الحيض سمي به وحين لم يجاوره لم يسم به ؟ فدل ذلك على أنه مجاز في الطهر حقيقة في الحيض . ومما يدل على أن المراد الحيض دون الطهر ، أنه لما كان اللفظ محتملا للمعنيين واتفقت الأمة على أن المراد أحدهما ، فلو أنهما تساويا في الاحتمال لكان الحيض أولاها ، وذلك لأن لغة النبي صلى الله عليه وسلم وردت بالحيض دون الطهر بقوله : ( المستحاضة تدع الصلاة أيام إقرائها ) وقال لفاطمة بنت أبي حبيش : ( فإذا أقبل قرؤك فدعي الصلاة ، وإذا أدبر فاغتسلي وصلي ما بين القرء إلى القرء ) . فكان لغة النبي صلى الله عليه وسلم أن القرء الحيض ، فوجب أن لا يكون معنى الآية إلا محمولا عليه ، لأن القرآن لا محالة نزل بلغته صلى الله عليه وسلم ، وهو المبين عن الله عز وجل مراد الألفاظ المحتملة للمعاني ولم يرد لغته بالطهر ، فكان حمله على الحيض أولى منه على الطهر . ويدل عليه ما حدثنا محمد بن بكر البصري قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا محمد بن مسعود قال : حدثنا أبو عاصم ، عن ابن جريج ، عن مظاهر بن أسلم ، عن القاسم بن محمد ، عن عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( طلاق الأمة ثنتان وقرؤها حيضتان ) قال أبو عاصم : فحدثني مظاهر قال : حدثني به القاسم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله ، إلا أنه قال : ( وعدتها حيضتان ) . وحدثنا عبد الباقي بن قانع قال : حدثنا محمد بن شاذان قال : حدثنا معلى قال : حدثنا عمر بن شبيب ، عن عبد الله بن عيسى ، عن عطية ، عن
443
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 443