نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 444
ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( تطليق الأمة تطليقتان وعدتها حيضتان ) فنص على الحيضتين في عدة الأمة ، وذلك خلاف قول مخالفينا ، لأنهم يزعمون أن عدتها طهران ولا يستوعبون لها حيضتين ، وإذا ثبت أن عدة الأمة حيضتان كانت عدة الحرة ثلاث حيض . وهذان الحديثان وإن كان ورودهما من طريق الآحاد فقد اتفق أهل العلم على استعمالها في أن عدة الأمة على النصف من عدة الحرة ، فأوجب ذلك صحته . ويدل عليه أيضا حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في سبايا أوطاس : ( لا توطأ حامل حتى تضع ولا حائل حتى تستبرئ بحيضة ) ومعلوم أن أصل العدة موضوع للاستبراء ، فلما جعل النبي صلى الله عليه وسلم استبراء الأمة بالحيضة دون الطهر وجب أن تكون العدة بالحيض دون الطهر ، إذ كل واحد منهما موضوع في الأصل للاستبراء أو لمعرفة براءة الرحم من الحبل ، وإن كان قد تجب العدة على الصغيرة والآيسة ، لأن الأصل للاستبراء ، ثم حمل عليه غيره من الآيسة والصغيرة لئلا يترخص في التي قاربتا البلوغ وفي الكبيرة التي قد يجوز أن تحيض وترى الدم بترك العدة ، فأوجب على الجميع العدة احتياطا للاستبراء الذي ذكرنا . ويدل عليه أيضا قوله تعالى : ( واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر ) [ الطلاق : 4 ] فأوجب الشهور عند عدم الحيض فأقامها مقامها ، فدل ذلك على أن الأصل هو الحيض : كما أنه لما قال : ( فلم تجدوا ماء فتيمموا ) [ النساء : 43 ] علمنا أن الأصل الذي نقل عنه إلى الصعيد هو الماء . ويدل عليه أن الله حصر الإقراء بعدد يقتضي استيفاءه للعدة ، وهو قوله تعالى : ( ثلاثة قروء ) واعتبار الطهر فيه يمنع استيفاءها بكمالها فيمن طلقها للسنة ، لأن طلاق السنة أن يوقعه في طهر لم يجامعها فيه ، فلا بد إذا كان كذلك من أن يصادف طلاقه طهرا قد مضى بعضه ثم تعتد بعده بطهرين آخرين ، فهذان طهران وبعض الثالث ، فلما تعذر استيفاء الثلاث إذا أراد طلاق السنة علمنا أن المراد الحيض الذي يمكن استيفاء العدد المذكور في الآية بكماله ، وليس هذا كقوله تعالى : ( الحج أشهر معلومات ) فالمراد شهران وبعض الثالث ، لأنه لم يحصرها بعدد وإنما ذكرها بلفظ الجمع ، والإقراء محصورة بعدد لا يحتمل الأقل منه ألا ترى أنه لا يجوز أن تقول رأيت ثلاثة رجال ومرادك رجلان ، وجائز أن تقول رأيت رجالا والمراد رجلان ، وأيضا فإن قوله تعالى : ( الحج أشهر معلومات ) معناه عمل الحج في أشهر معلومات ، ومراده في بعضها ، لأن عمل الحج لا يستغرق الأشهر وإنما يقع في بعض الأوقات منها فلم يحتج فيه إلى استيفاء العدد . وأما الأقراء فواجب استيفاؤها للعدة ، فإن كانت الأفراد الأطهار فواجب أن يستوفى العدد المذكور كما يستغرق الوقت كله ، فيكون جميع أوقات الطهر عدة إلى انقضاء عددها ، فلم يجز
444
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 444