نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 44
( لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها ) و ( إذا اختلف البيعان فالقول ما قاله البائع أو يترادان ) وما جرى مجرى ذلك من الأخبار التي مخرجها من جهة الإفراد وصارت في حيز التواتر لتلقي الفقهاء لها بالقبول من استعمالهم إياها فجاز تخصيص آية المواريث بها . ويدل على تسوية حكم العامد والمخطئ في ذلك ما روي عن علي وعمر وابن عباس من غير خلاف من أحد من نظرائهم عليهم . وغير جائز فيما كان هذا وصفه من قول الصحابة في شيوعه واستفاضته أن يعترض عليه بقول التابعين . ولما وافق مالك على أنه لا يرث من دينه وجب أن يكون ذلك حكم سائر ماله من وجوه ، أحدها : أن ديته ماله وميراث عنه بدليل أنه تقتضي منها ديونه وتنفذ منها وصاياه ويرثها سائر ورثته على فرائض الله تعالى كما يرثون سائر أمواله ، فلما اتفقوا على أنه لا يرث من ديته كان ذلك حكم سائر ماله في الحرمان كما أنه إذا ورث من سائر ماله ورث من ديته ، فمن حيث كان حكم سائر ماله حكم ديته في الاستحقاق وجب أن يكون حكم سائر ماله حكم ديته في الحرمان ، إذ كان الجميع مستحقا على سهام ورثته وأنه مبدوء به في الدين على الميراث . ومن جهة أخرى أنه لما ثبت أنه لا يرث من ديته لما اقتضاه الأثر وجب أن يكون حكم سائر ماله كذلك ، لأن الأثر لم يفصل في وروده بين شئ من ذلك . وقال مالك : إنما ورث قاتل الخطأ من سائر ماله سوى الدية لأنه لا يتهم أن يكون قتله ليرثه . وهذه العلة موجودة في ديته ، لأنها من التهمة أبعد ، فواجب على مقتضى علته أن يرث من ديته . ومن جهة أخرى أنهم لا يختلفون في قاتل العمد وشبه العمد أنه لا يرث سائر ماله كما لا يرث من ديته إذا وجبت ، فوجب أن يكون ذلك حكم قاتل الخطأ لاتفاقهما في حرمان الميراث من ديته . وأيضا إذا كان قتل العمد وشبه العمد إنما حرما الميراث للتهمة في إحراز الميراث بقتله فهذا المعنى موجود في قتل الخطأ ، لأنه يجوز أن يكون إنما أظهر رمي غيره وهو قاصد به قتله لئلا يقاد منه ولا يحرم الميراث ، فلما كانت التهمة موجودة من هذا الوجه وجب أن يكون في معنى العمد وشبهه . وأيضا توريثه بعض الميراث دون بعض خارج من الأصول ، لأن فيها أن من ورث بعض تركة ورث جميعها ومن حرم بعضها حرم جميعها . وإنما قال أصحابنا : إن الصبي والمجنون لا يحرمان الميراث بالقتل من قبل أنهما غير مكلفين ، وحرمان الميراث على وجه العقوبة في الأصول فأجرى قاتل الخطأ مجراه وإن لم يستحق العقاب بقتل الخطأ تغليظا لأمر الدم ، ويجوز أن يكون قد قصد القتل برميه أو بضربه وأنه أوهم أنه قاصد لغيره فأجرى في ذلك مجرى من علم منه ذلك ، والصبي والمجنون على أي وجه كان منهما ذلك لا يستحقان الدم ، قال النبي عليه السلام : ( رفع القلم عن ثلاث : عن النائم حتى ينتبه ، وعن المجنون حتى يفيق وعن الصبي حتى يحتلم ) .
44
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 44