نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 45
قال أبو بكر رحمه الله : فظاهر هذا الخبر يقتضي سقوط حكم قتله رأسا من سائر الوجوه ، ولولا قيام الدلالة لما وجبت الدية أيضا . فإن قيل : فإنه يحرم النائم الميراث إذا انقلب على صبي فقتله ؟ قيل له : هو مثل قاتل الخطأ يجوز أن يكون أظهر أنه نائم ولم يكن نائما في الحقيقة . وأما قول الشافعي في العادل إذا قتل الباغي حرم الميراث ، فلا وجه له ، لأنه قتله بحق وقد كان الباغي مستحقا للقتل ، فغير جائز أن يحرم الميراث . ولا نعلم خلافا أن من وجب له القود على انسان فقتله قودا أنه لا يحرم الميراث . وأيضا فلو كان قتل العادل الباغي يحرمه الميراث لوجب أنه إذا كان محاربا فاستحق القتل حدا أن لا يكون ميراثه لجماعة المسلمين ، لأن الإمام قام مقام الجماعة في إجراء الحكم عليه فكأنه قتلوه ، فلما كان المسلمون هم المستحقين لميراث من ذكرنا أمره وإن كان الإمام قام مقامهم في قتله ثبت بذلك أن من قتل بحق لا يحرم قاتله ميراثه . وقال أصحابنا في حافر البئر وواضع الحجر في الطريق إذا عطب به انسان : أنه لا يحرم الميراث ، لأنه غير قاتل في الحقيقة ، إذ لم يكن فاعلا للقتل ولا بسبب اتصل بالمقتول ، والدليل على ذلك أن القتل على ثلاثة أوجه : عمد ، وخطأ ، وشبه العمد ، وحافر البئر وواضع الحجر خارج عن ذلك ، فإن قيل : حفر البئر ووضع الحجر سبب للقتل كالرامي والجارح أنهما قاتلان لفعلهما السبب ؟ قيل له : الرمي وما تولد منه من مرور السهم هو فعله وبه حصل القتل ، وكذلك الجرح فعله فصار قاتلا به لاتصال فعله بالمقتول ، وعثار الرجل بالحجر ووقوعه في البئر ليس من فعله فلا يجوز أن يكون به قاتلا ، وقوله تعالى : ( أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون ) يدل على أن العالم بالحق المعاند فيه أبعد من الرشد وأقرب إلى اليأس من الصلاح من الجاهل ، لأن قوله تعالى : ( أفتطمعون أن يؤمنوا لكم ) يفيد زوال الطمع في رشدهم لمكابرتهم الحق بعد العلم به . وقوله تعالى : ( وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة ) ، قيل في معنى معدودة : إنها قليلة ، كقوله : ( وشروه بثمن بخس دراهم معدودة ) [ يوسف : 20 ] أي قليلة . وقال ابن عباس وقتادة في قوله ( أياما معدودة ) أنها أربعون يوما مقدار ما عبدوا العجل ، وقال الحسن ومجاهد : سبعة أيام . وقال تعالى : ( كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات ) [ البقرة : 183 و 184 ] ، فسمى أيام الصوم في هذه الآية معدودات وأيام الشهر كله . وقد احتج شيوخنا لأقل مدة الحيض وأكثره أنها ثلاثة وعشرة بقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( المستحاضة أخبرنا تدع الصلاة أيام إقرائها ) يا وفي بعض الألفاظ : ( دعي الصلاة أيام حيضك )
45
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 45