نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 395
قال أبو بكر : ويدل على ما ذكرنا من انتفاء اسم الخمر عن سائر الأشربة إلا ما وصفنا ، ما روي عن ابن عمر أنه قال : ( لقد حرمت الخمر يوم حرمت وما بالمدينة يومئذ منها شئ ) وابن عمر رجل من أهل اللغة ، ومعلوم أنه قد كان بالمدينة السكر وسائر الأنبذة المتخذة من التمر ، لأن تلك كانت أشربتهم ، ولذلك قال جابر بن عبد الله : ( نزل تحريم الخمر وما يشرب الناس يومئذ إلا البسر والتمر ) وقال أنس بن مالك : ( كنت ساقي عمومتي من الأنصار حين نزل تحريم الخمر ، فكان شرابهم يومئذ الفضيح ، فلما سمعوا أراقوها ) . فلما نفى ابن عمر اسم الخمر عن سائر الأشربة التي كانت بالمدينة ، دل ذلك على أن الخمر عنده كانت شراب العنب النئ المشتد ، وأن ما سواها غير مسمى بهذا الاسم . ويدل عليه أن العرب كانت تسمى الخمر سبيئة ولم تكن تسمى بذلك سائر الأشربة المتخذة من تمر النخل ، لأنها كانت تجلب إليها من غير بلادها ، ولذلك قال الأعشى : وسبيئة مما يعتق بابل * كدم الذبيح سلبتها جريالها وتقول : سبأت الخمر ، إذا شريتها ، فنقلوا الاسم إلى المشتري بعد أن كان الأصل إنما هو يجلبها من موضع إلى موضع على عادتها في الاتساع في الكلام . ويدل عليه أيضا قول أبي الأسود الدؤلي - وهو رجل من أهل اللغة حجة فيما قال منها - فقال : دع الخمر تشربها الغواة فإنني * رأيت أخاها مغنيا لمكانها فإن لا تكنه أو يكنها فإنه * أخوها غذته أمه بلبانها فجعل غيرها من الأشربة أخالها بقوله : ( رأيت أخاها مغنيا لمكانها ) ومعلوم أنه لو كان يسمى خمرا لما سماه أخا لها ، ثم أكده بقوله : ( فإن لا تكنه أو يكنها فإنه أخوها ) فأخبر أنها ليست هو . فثبت بما ذكرنا من الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة وأهل اللغة أن اسم الخمر مخصوص بما وصفنا ومقصور عليه دون غيره . ويدل على ذلك أنا وجدنا بلوى أهل المدينة بشرب الأشربة المتخذة من التمر والبسر كانت أعم منها بالخمر ، وإنما كانت بلواهم بالخمر خاصة قليلة لقلتها عندهم ، فلما عرف الكل من الصحابة تحريم الني المشتد واختلفوا فيما سواها ، وروي عن عظماء الصحابة مثل عمر وعبد الله وأبي ذر وغيرهم شرب النبيذ الشديد ، وكذلك سائر التابعين ومن بعدهم من أخلافهم من الفقهاء من أهل العراق لا يعرفون تحريم هذه الأشربة ولا يسمونها باسم الخمر ، بل ينفونه عنها ، دل ذلك على معنيين : أحدهما أن اسم الخمر لا
395
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 395