responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 394


الأشربة غير مسمى بهذا الاسم ، لقوله : ( والسكر من كل شراب ) . وقد دل أيضا على أن المحرم من سائر الأشربة هو ما يحدث عنده السكر ، لولا ذلك لما اقتصر منها على السكر دون غيره ، ولما فصل بينها وبين الخمر في جهة التحريم ، ودل أيضا على أن تحريم الخمر حكم مقصور عليها غير متعد إلى غيرها قياسا ولا استدلالا ، إذ علق حكم التحريم بعين الخمر دون معنى فيها سواها ، وذلك ينفي جواز القياس عليها ، لأن كل أصل ساغ القياس عليه فليس الحكم المنصوص عليه مقصورا عليه ولا متعلقا به بعينه ، بل يكون الحكم منصوبا على بعض أوصافه مما هو موجود في فروعه فيكون الحكم تابعا للوصف جاريا معه في معلولاته .
ومما يدل على أن سائر الأشربة المسكرة لا يتناولها اسم الخمر قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة عنه : ( الخمر من هاتين الشجرتين : النخلة والعنبة ) ، فقوله : ( الخمر ) اسم للجنس لدخول الألف واللام عليه ، فاستوعب به جميع ما يسمى بهذا الاسم ، فلم يبق شئ من الأشربة يسمى به إلا وقد استغرقه ذلك ، فانتفى بذلك أن يكون ما يخرج من غير هاتين الشجرتين يسمى حمرا . ثم نظرنا فيما يخرج منهما هل جميع الخارج منهما مسمى باسم الخمر أم لا ؟ فلما اتفق الجميع على أن كال ما يخرج منهما من الأشربة غير مسمى باسم الخمر ، لأن العصير والدبس والخل ونحوه من هاتين الشجرتين ولا يسمى شئ منه خمرا ، علمنا أن مراده بعض الخارج من هاتين الشجرتين ، وذلك البعض غير مذكور في الخبر ، فاحتجنا إلى الاستدلال على مراده من غيره في إثبات اسم الخمر للخارج منهما ، فسقط الاحتجاج به في تحريم جميع الخارج منهما وتسميته باسم الخمر . ويحتمل مع ذلك أن يكون مراده أن الخمر أحدهما ، كقوله تعالى : ( يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان ) [ الرحمن : 22 ] ، و ( يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم ) [ الأنعام : 130 ] والمراد أحدهما ، فكذلك جائز أن يكون المراد في قوله ( الخمر من هاتين الشجرتين ) أحدهما ، فإن كان المراد هما جميعا ، فإن ظاهر اللفظ يدل على أن المسمى بهذا الاسم هو أول شراب يصنع منهما ، لأنه لما كان معلوما أنه لم يرد بقوله ( من هاتين الشجرتين ) بعض كل واحدة منهما ، لاستحالة كون بعضها خمرا ، دل على أن المراد أول خارج منهما من الأشربة لأن ( من ) يعتورها معان في اللغة ، منها التبعيض ، ومنها الابتداء كقولك ( خرجت من الكوفة ) ( وهذا كتاب من فلان ) وما جرى مجرى ذلك ، فيكون معنى ( من ) في هذا الموضع على ابتداء ما يخرج منهما ، وذلك إنما يتناول العصير المشتد والدبس السائل من النخل إذا اشتد ، ولذلك قال أصحابنا فيمن حلف لا يأكل من هذه النخلة شيئا ( إنه على رطبها وتمرها ودبسها ) لأنهم حملوا ( من ) على ما ذكرنا من الابتداء .

394

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 394
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست