نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 393
وأن بعض منافعها قد كان مباحا وبعضها محظورا بقوله : ( قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس ) : إلى أن أتم تحريمها بقوله : ( فاجتنبوه ) [ المائدة : 90 ] وقوله : ( فهل أنتم منتهون ) [ المائدة : 91 ] . وقد بينا ما يقتضيه ظاهر كل واحد من حكم الآيات من حكم التحريم . وقد اختلف فيما يتناوله اسم الخمر من الأشربة ، فقال الجمهور الأعظم من الفقهاء : ( اسم الخمر في الحقيقة يتناول الني المشتد من ماء العنب ) . وزعم فريق من أهل المدينة ومالك والشافعي أن كل ما أسكر كثيره من الأشربة فهو خمر . والدليل على أن اسم الخمر مخصوص بالني المشتد من ماء العنب دون غيره وأن غيره إن سمي بهذا الاسم فإنما هو محمول عليه ومشبه به على وجه المجاز ، حديث أبي سعيد الخدري قال : أتى النبي صلى الله عليه وسلم بنشوان فقال له : ( أشربت خمرا ؟ ) فقال : ما شربتها منذ حرمها الله ورسوله ، قال : ( فماذا شربت ؟ ) قال : الخليطين ، قال : فحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم الخليطين . فنفى الشارب اسم الخمر عن الخليطين بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكره عليه ، ولو كان ذلك يسمى خمرا من جهة لغة أو شرع لما أقره عليه ، إذ كان في نفي التسمية التي علق بها حكم نفي الحكم ، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقر أحدا على حظر مباح ولا على استباحة محظور ، وفي ذلك دليل على أن اسم الخمر منتف على سائر الأشربة إلا من الني المشتد من ماء العنب ، لأنه إذا كان الخليطان لا يسميان خمرا مع وجود قوة الإسكار منهما علمنا أن الاسم مقصور على ما وصفنا . ويدل عليه ما حدثنا عبد الباقي بن قانع قال : حدثنا محمد بن زكريا العلائي قال : حدثنا العباس بن بكار قال : حدثنا عبد الرحمن بن بشير الغطفاني ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي رضي الله عنه قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأشربة عام حجة الوداع ، فقال : ( حرام الخمر بعينها والسكر من كل شراب ) . قال عبد الباقي : وحدثنا محمد بن زكريا العلائي قال : حدثنا شعيب بن واقد قال : حدثنا قيس ، عن قطن ، عن منذر ، عن محمد ابن الحنفية ، عن علي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه . وحدثنا عبد الباقي قال : حدثنا حسين بن إسحاق قال : حدثنا عياش بن الوليد قال : حدثنا علي بن عباس قال : حدثنا سعيد بن عمارة قال : حدثنا الحارث بن النعمان قال : سمعت أنس بن مالك يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( الخمر بعينها حرام والسكر من كل شراب ) . وقد روى عبد الله بن شداد عن ابن عباس من قوله مثل ذلك ، وروى عنه أيضا مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم . وقد حوى هذا الخبر معاني : منها أن اسم الخمر مخصوص بشراب بعينه دون غيره ، وهو الذي لم يختلف في تسميته بها دون غيرها من ماء العنب ، وأن غيرها من
393
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 393