نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 392
صلوا العشاء شربوها ، ثم إن ناسا من المسلمين شربوها فقاتل بعضهم بعضا وتكلموا بما لا يرضي الله عز وجل ، فأنزل الله : ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه ) [ المائدة : 90 ] ، قال : فالميسر : القمار ، والأنصاب : الأوثان ، والأزلام : القداح ، كانوا يستقسمون بها . قال : وحدثنا أبو عبيد قال : حدثنا عبد الرحمن ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة قال : قال عمر : ( اللهم بين لنا في الخمر ! ) فنزلت : ( لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ) [ النساء : 43 ] ، فقال : اللهم بين لنا في الخمر ! فنزلت : ( قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ) ، فقال : ( اللهم بين لنا في الخمر ! ) فنزلت : ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه ) [ المائدة : 90 ] إلى قوله : ( فهل أنتم منتهون ) [ المائدة : 91 ] فقال عمر : ( انتهينا إنها تذهب المال وتذهب العقل ) . قال : وحدثنا أبو عبيد قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا المغيرة عن أبي رزين قال : شربت الخمر بعد الآية التي نزلت في البقرة وبعد الآية التي في النساء ، فكانوا يشربونها حتى تحضر الصلاة فإذا حضرت تركوها ثم حرمت في المائدة في قوله ( فهل أنتم منتهون ) [ المائدة : 91 ] ، فانتهى القوم عنها فلم يعودوا فيها . فمن الناس من يظن أن قوله : ( قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس ) لم يدل على التحريم ، لأنه لو كان دالا لما شربوه ، ولما أقرهم النبي صلى الله عليه وسلم ، ولما سئل عمر البيان بعده ، وليس هذا كذلك عندنا ، وذلك لأنه جائز أن يكونوا تأولوا في قوله : ( ومنافع للناس ) جواز استباحة منافعها ، فإن الإثم مقصور على بعض الأحوال دون بعض ، فإنما ذهبوا عن حكم الآية بالتأويل . وأما قوله ( إنها لو كانت حراما لما أقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على شربها ) فإنه ليس في شئ من الأخبار علم النبي صلى الله عليه وسلم بشربها ولا إقرارهم عليه بعد علمه . وأما سؤال عمر رضي الله عنه بيانا بعد نزول هذه الآية ، فلأنه كان للتأويل فيه مساغ ، وقد علم هو وجه دلالتها على التحريم ، ولكنه سأل بيانا يزول أخبرنا معه احتمال التأويل ، فأنزل الله تعالى : ( إنما الخمر والميسر ) [ المائدة : 90 ] الآية . ولم يختلف أهل النقل في أن الخمر قد كانت مباحة في أول الاسلام ، وأن المسلمين قد كانوا يشربونها بالمدينة ويتبايعون بها مع علم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وإقرارهم عليه ، إلى أن حرمها الله تعالى . فمن الناس من يقول : إن تحريمها على الإطلاق إنما ورد في قوله : ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه ) إلى قوله ( فهل أنتم منتهون ) [ المائدة : 91 ] ، وقد كانت محرمة قبل ذلك في بعض الأحوال ، وهي أوقات الصلاة ، بقوله : ( ولا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ) [ النساء : 43 ]
392
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 392