responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 376


الناس ) فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا ومن دان دينها أن يأتوا عرفات فيقفوا بها مع الناس ويفيضوا عمرو من حيث أفاض الناس . وحكي عن الضحاك أنه أراد به الوقوف بالمزدلفة وأن يفيضوا من حيث أفاض إبراهيم عليه السلام . وقيل أنه إنما قال : ( الناس ) وأراد إبراهيم وحده ، كما قال تعالى : ( الذين قال لهم الناس ) [ آل عمران : 173 ] وكان رجلا واحدا .
ولأن إبراهيم عليه السلام لما كان الإمام المقتدى به سماه الله تعالى أمة كان بمنزلة الأمة التي تتبع سنته ، جاز إطلاق اسم الناس ، والمراد به هو وحده . والتأويل الأول هو الصحيح ، لاتفاق السلف عليه ، والضحاك لا يزاحم به هؤلاء ، فهو قول شاذ . وإنما ذكر الناس هاهنا وأمر قريشا بالإفاضة من حيث أفاض الناس ، لأنهم كانوا أعظم الناس ، وكانت قريش ومن دان دينها قليلة بالإضافة إليهم ، فلذلك قال : ( من حيث أفاض الناس ) .
فان قيل : لما قال : ( فإذا أفضتم من عرفات ) ثم عقب ذلك بقوله : ( ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس ) و ( ثم ) يقتضي الترتيب لا محالة ، علمنا أن هذه الإفاضة هي بعد الإفاضة من عرفات ، وليس بعدها إفاضة إلا من المزدلفة وهي المشعر الحرام ، فكان حمله على ذلك أولى منه على الإفاضة من عرفة ، ولأن الإفاضة من عرفة قد تقدم ذكرها فلا وجه لإعادتها . قيل له : إن قوله تعالى : ( ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس ) عائد إلى أول الكلام ، وهو الخطاب بذكر الحج وتعليم مناسكه وأفعاله ، فكأنه قال : ( يا أيها المأمورون بالحج من قريش بعد ما تقدم ذكرنا له أفيضوا من حيث أفاض الناس ) فيكون ذلك راجعا إلى صلة خطاب المأمورين ، وهو كقوله تعالى : ( ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن ) [ الأنعام : 154 ] والمعنى : بعد ما ذكرنا لكم أخبرناكم أنا آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن . ويجوز أن يكون ( ثم ) بمعنى ( الواو ) فيكون تقديره : وأفيضوا قبل من حيث أفاض الناس ، كما قال تعالى : ( ثم كان من الذين آمنوا ) [ البلد : 17 ] معناه : وكان من الذين آمنوا ، وقوله : ( ثم الله شهيد على ما تفعلون ) [ يونس : 46 ] معناه : والله شهيد . فإذا كان ذلك سائغا في اللغة ثم روي عن السلف ما ذكرنا ، لم يجز العدول عنه إلى غيره . وأما قولك ( إن ذكر عرفات قد تقدم في قوله :
( فإذا أفضتم من عرفات ) فلا يكون لقوله : ( ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس ) وجه ) فليس كذلك ، لأن قوله ( فإذا أفضتم من عرفات ) لا دلالة فيه على إيجاب الوقوف ، وقوله : ( ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس ) وهو أمر لمن لم يكن يقف بعرفة من قريش ، فقد أفاد به من إيجاب الوقوف ما لم يتضمنه قوله : ( فإذا أفضتم من عرفات ) إذ لا دلالة في قوله : ( فإذا أفضتم من عرفات ) على فرض الوقوف . ومع ذلك فلو اقتصر

376

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 376
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست