نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 348
لكان خبر الزائد أولى ، وإذا ثبت بما ذكرنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قارنا ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( خذوا عني مناسككم ) فأولى الأمور وأفضلها الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فيما فعله ، لا سيما وقد قال لهم : ( خذوا عني مناسككم ) وقال الله تعالى : ( واتبعوه ) [ الأعراف : 158 ] وقال : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) [ الأحزاب : 21 ] ولأنه عليه السلام لا يختار من الأعمال إلا أفضلها . وفي ذلك دليل على أن القران أفضل من التمتع ومن الإفراد . ويدل عليه أن فيه زيادة نسك وهو الدم ، لأن دم القران عندنا دم نسك وقربة يؤكل منه كالأضحية ، بدلالة قوله : ( فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق ) [ الحج : 29 ] وليس شئ من الدماء ترتب عليه هذه الإفعال إلا دم القران والتمتع . ويدل عليه قوله : ( فمن تمتع بالعمرة إلى الحج ) وقد بينا أن التمتع يجوز أن يكون اسما للحج للنفع الذي يحصل له بجمعه بينهما والفضيلة التي يستحقها به ، ويجوز أن يكون اسما للارتفاق بالجمع من غير إحداث سفر آخر ، وهو عليهما جميعا ، فجائز أن يكون المعنيان جميعا مرادين بالآية ، فينتظم القارن والمتمتع من وجهين : أحدهما الفضيلة الحاصلة بالجمع ، والثاني : الارتفاق بالجمع من غير إحداث سفر ثان . وهذه المتعة مخصوص بها من لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ، لقوله : ( ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ) ومن كان وطنه المواقيت فما دونها إلى مكة فليس له متعة ولا قران - وهو قول أصحابنا - فإن قرن أو تمتع فهو مخطئ وعليه دم ولا يأكل منه ، لأنه ليس بدم متعة وإنما هو دم جناية ، إذ لا متعة لمن كان من أهل هذه المواضع لقوله : ( ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ) . وقد روي عن ابن عمر أنه قال : ( إنما التمتع رخصة لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ) . وقال بعضهم : إنما معنى ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام لا دم عليهم إذا تمتعوا ، ومع ذلك فلهم أن يتمتعوا بلا هدي . فظاهر الآية يوجب خلاف ما قالوه ، لأنه تعالى قال : ( ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ) والمراد المتعة ، ولو كان المراد الهدي لقال : ( ذلك على من لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ) . فإن قيل : يجوز أن يكون معنى ذلك : على من لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام ، لأن ( اللام ) قد تقام مقام ( على ) كما قال تعالى : ( ولهم اللعنة ولهم سوء الدار ) [ الرعد : 25 ] ومعناه : وعليهم اللعنة . قيل له : لا يجوز إزالة اللفظ عن حقيقته وصرفه إلى المجاز إلا بدلالة ، ولكل واحدة من هذه الأدوات معنى هي موضوعة له حقيقة ف ( على ) حقيقتها خلاف حقيقة ( اللام ) فغير جائز حملها عليها إلا بدلالة ، وأيضا فإن التمتع لأهل سائر
348
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 348