نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 349
الآفاق إنما هو تخفيف من الله تعالى وإزالة المشقة عنهم في إنشاء سفر لكل واحد منهما وأباح لهم الاقتصار على سفر واحد في جميعها جميعا ، إذ لو منعوا عند ذلك لأدى ذلك إلى مشقة وضرر ، وأهل مكة لا مشقة عليهم ولا ضرر في فعل العمرة في غير أشهر الحج . ويدل عليه أن اسم التمتع يقتضي الاتفاق بالجمع بينهما وإسقاط تجديد سفر العمرة على ما روي من تأويله عمن قدمنا قوله ، وهو مشبه لمن أوجب على نفسه المشي إلى بيت الله الحرام ، فإذا ركب لزمه دم لارتفاقه بالركوب ، غير أن هذا الدم لا يؤكل منه ودم المتعة يؤكل منه ، فاختلافهما من هذا الوجه لا يمنع اتفاقهما من الوجه الذي ذكرنا . وقد حكي عن طاوس أنه قال : ( ليس على أهل مكة متعة فإن فعلوا وحجوا فعليهم ما على الناس ) وجائز أن يريد به أن عليهم الهدي ويكون هدي جناية لا نسكا . واتفق أهل العلم السلف منهم والخلف أنه إنما يكون متمتعا بأن يعتمر في أشهر الحج ويحج من عامه ذلك ، ولو أنه اعتمر في هذه السنة ولم يحج فيها وحج في عام قابل أنه غير متمتع ولا هدي عليه . واختلف أهل العلم فيمن اعتمر في أشهر الحج ثم رجع إلى أهله وعاد فحج من عامه ، فقال أكثرهم : إنه ليس بمتمتع ، منهم سعيد بن المسيب وعطاء وطاوس ومجاهد وإبراهيم والحسن في إحدى الروايتين ، وهو قول أصحابنا وعامة الفقهاء . وروى أشعث عن الحسن أنه قال : ( من اعتمر في أشهر الحج ثم حج من عامه فهو متمتع رجع أو لم يرجع ) . ويدل على صحة القول الأول أن الله تعالى خص أهل مكة بأن لم يجعل لهم متعة وجعلها لسائر أهل الآفاق ، وكان المعنى فيه إلمامهم بأهاليهم بعد العمرة مع جواز الإحلال منها ، وذلك موجود فيمن رجع إلى أهله لأنه قد حصل له إلمام بأهله بعد العمرة فكان بمنزلة أهل مكة . وأيضا فإن الله جعل على المتمتع الدم بدلا من أحد السفرين اللذين اقتصر على أحدهما ، فإذا فعلهما جميعا لم يكن الدم قائما مقام شئ ، فلا يجب . واختلفوا أيضا فيمن لم يرجع إلى أهله وخرج من مكة حتى جاوز الميقات ، فقال أبو حنيفة : ( هو متمتع إن حج من عامه ذلك ، لأنه إذا لم يحصل له إلمام بأهله بعد العمرة فهو بمنزلة كونه بمكة ) . وروي عن أبي يوسف ( أنه ليس بمتمتع ، لأن ميقاته الآن في الحج ميقات أهل بلده ، لأن الميقات قد صار بينه وبين أهل مكة فصار بمنزلة عوده إلى أهله ) . والصحيح هو الأول لما بينا . واختلف أهل العلم فيمن ينشئ العمرة في رمضان ويدخل مكة في شوال أو قبله ، فروى قتادة عن ابن عياض قال : ( عمرته في الشهر الذي يهل فيه ) . وقال الحسن
349
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 349