responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 317


مثله ، وروى ابن عباس والربيع بن أنس وقتادة والضحاك : أن قريشا لما ردت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية محرما في ذي القعدة عن البلد الحرام في الشهر الحرام ، فأدخله الله مكة في العام المقبل في ذي القعدة ، فقضى عمرته وأقصه بما حيل بينه وبينه في يوم الحديبية . ويمتنع أن يكون المراد الأمرين ، فيكون إخبارا بما أقصه الله من الشهر الحرام الذي صده المشركون عن البيت بشهر مثله في العام القابل ووقد تضمن مع ذلك إباحة القتال في الشهر الحرام إذا قاتلهم المشركون ، لأن لفظا واحدا لا يكون خبرا وأمرا ، ومتى حصل على أحد المعنيين انتفى الآخر ، إلا أنه جائز أن يكون إخبارا بما عوض الله نبيه من فوات العمرة في الشهر الحرام الذي صده المشركون عن البيت شهرا مثله في العام القابل ، وكانت حرمة الشهر الذي أبدل كحرمة الشهر الذي فات ، فلذلك قال :
( والحرمات قصاص ) ثم عقب تعالى ذلك بقوله : ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) فأفاد أنهم إذا قاتلوهم في الشهر الحرام فعليهم أن يقاتلوهم فيه وإن لم يجز لهم أن يبتدأوهم بالقتال . وسمى الجزاء اعتداء لأنه مثله في الجنس وقدر الاستحقاق على ما يوجبه فسمي باسمه على وجه المجاز ، لأن المعتدي في الحقيقة هو الظالم .
وقوله تعالى ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) عموم في أن من استهلك لغيره مالا كان عليه مثله ، وذلك المثل ينقسم إلى وجهين ، أحدهما : مثله في جنسه وذلك في المكيل والموزون والمعدود ، والآخر : مثله في قيمته ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في عبد بين رجلين أعتقه أحدهما وهو موسر أن عليه ضمان نصف قيمته ، فجعل المثل اللازم بالاعتداء هو القيمة ، فصار أصلا في هذا الباب وفي أن المثل قد يقع على القيمة ويكون اسما لها . ويدل على أن المثل قد يكون اسما لما ليس هو من جنسه إذا كان في وزانه وعروضه في المقدار المستحق من الجزاء ، أن من اعتدى على غيره بقذف لم يكن المثل المستحق عليه أن يقذف بمثل قذفه بل يكون المثل المستحق عليه هو جلد ثمانين ، وكذلك لو شتمه بما دون القذف كان عليه التعزير وذلك مثل لما نال منه ، فثبت بذلك ان اسم المثل قد يقع على ما ليس من جنسه بعد أن يكون في وزانه وعروضه في المقدار المستحق من طريق الجزاء . ويحتج بذلك في أن من غصب ساجة فأدخلها في بنائه أن عليه قيمتها ، لأن القيمة قد تناولها اسم المثل ، فمن حيث كان الغاصب معتديا بأخذها كان عليه مثلها لحق العموم .
فإن قيل : إذا نقضنا بناءه وأخذناها بعينها فقد اعتدينا عليه بمثل ما اعتدى . قيل له :
أخذ ملكه بعينه لا يكون اعتداء على الغاصب ، كما أن من له عند رجل وديعة فأخذها لم

317

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 317
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست