responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 318


يكن معتديا عليه ، وإنما الاعتداء عليه أن يزيل من ملكه مثل ما أزال أو يزيل يده عن مثل ما أزال عنه يد المغصوب منه ، فأما أخذ ملكه بعينه فليس فيه اعتداء على أحد ولا فيه أخذ المثل . ويحتج به في إيجاب القصاص فيما يمكن استيفاء المماثلة والمساواة فيه دون ما لم يعلم فيه استيفاء المماثلة ، وذلك نحو قطع اليد من نصف الساعد والجائفة والآمة في سقوط القصاص فيها لتعذر استيفاء المثل ، إذ كان الله تعالى إنما أمرنا باستيفاء المثل . ويحتج به أبو حنيفة فيمن قطع يد رجل وقتله أن لوليه أن يقطع يده ثم يقتله ، لقوله : ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) فله أن يفعل به مثل ما فعل بمقتضى الآية .
وقوله تعالى : ( وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) قال أبو بكر :
قد قيل فيه وجوه : أحدها ما حدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح : قال حدثنا ابن وهب عن حياة بن شريح ، وابن لهيعة عن زيد بن أبي حبيب ، عن أسلم أبي عمران قال : غزونا بالقسطنطينية وعلى الجماعة عبد الرحمن بن الوليد والروم ملصقو ظهورهم بحائط المدينة ، فحمل رجل على العدو ، فقال الناس : مه مه ! لا إله إلا الله ، يلقي بيديه إلى التهلكة ! فقال أبو أيوب : إنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار ، لما نصر الله نبيه وأظهر دينه الاسلام قلنا : هلم نقيم في أموالنا ونصلحها ! فأنزل الله تعالى : ( وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) فالإلقاء بالأيدي إلى التهلكة أن نقيم في أموالنا فنصلحها وندع الجهاد ، قال أبو عمران : فلم يزل أبو أيوب يجاهد في سبيل الله حتى دفن بالقسطنطينية ، فأخبر أبو أيوب أن الإلقاء بالأيدي إلى التهلكة هو ترك الجهاد في سبيل الله ، وأن الآية في ذلك نزلت . وروي مثله عن ابن عباس وحذيفة والحسن وقتادة ومجاهد والضحاك . وروي عن البراء بن عازب وعبيدة السلماني : ( الإلقاء بالأيدي إلى التهلكة هو اليأس من المغفرة بارتكاب المعاصي ) . وقيل : ( هو الإسراف في الانفاق حتى لا يجد ما يأكل ويشرب فيتلف ) . وقيل : ( هو أن يقتحم الحرب من غير نكاية في العدو ) وهو الذي تأوله القوم الذي أنكر عليهم أبو أيوب وأخبر فيه بالسبب . وليس يمتنع أن يكون جميع هذه المعاني مرادة بالآية لاحتمال اللفظ لها وجواز اجتماعها من غير تضاد ولا تناف . فأما حمله على الرجل الواحد يحمل على حلبة العدو ، فإن محمد بن الحسن ذكر في السير الكبير أن رجلا لو حمل على ألف رجل وهو وحده لم يكن بذلك بأس إذا كان يطمع في نجاة أو نكاية ، فإن كان لا يطمع في نجاة ولا نكاية فإني أكره له ذلك ، لأنه عرض نفسه للتلف من غير منفعة للمسلمين ، وإنما ينبغي للرجل أن يفعل هذا إذا كان يطمع في نجاة أو

318

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 318
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست