responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 239


ولا خلاف بين المسلمين في أن من شرط الصلاة والزكاة والحج والكفارات إيجاد النية لها ، لأنها فروض مقصودة لأعيانها ، فكان حكم الصوم حكمها لهذه العلة بعينها .
فإن قيل : جميع ما استدللت به على كون النية شرطا في الصوم وفي سائر الفروض يلزمك شرط النية في الطهارة إذ كانت فرضا من الفروض . قيل له : ليس ذلك على ما ظننت ، لأن الطهارة ليست فرضا مقصودا لعينها وإنما المقصود غيرها وهي شرط فيه ، فقيل لنا : لا تصلوا إلا بطهارة ، كما قيل : لا تصلوا إلا بطهارة من نجاسة ، ولا تصلوا إلا بستر العورة ، فليست هذه الأشياء مفروضة لأنفسها ، فلم يلزم إيجاد النية لها ، ألا ترى أن النية نفسها لما كانت شرطا لغيرها ولم تكن مفروضة لنفسها صحت بغير نية توجد لها ؟
فانفصل بما ذكرنا حكم الفروض المقصودة لأعيانها وحكم ما جعل منها شرطا لغيره وليس هو بمفروض لنفسه ، فلما كانت الطهارة بالماء شرطا لغيرها وليست أيضا ببدل عن سواها لم يلزم فيها النية ، ولا يلزم على هذا إيجابنا النية في التيمم لأنه بدل عن غيره فلا يكون طهورا إلا بانضمام النية إليه ، إذ ليس هو طهورا في نفسه بل هو بدل عن غيره . ولم يختلف الأمة في أن كل صوم واجب في الذمة فشرط صحته إيجاد النية له ، فوجب أن يكون كذلك حكم صوم رمضان في كون النية شرطا لصحته . وشبه زفر صوم رمضان بالطهارة في اسقاط النية لهما ، من قبل أن الطهارة مفروضة في أعضاء بعينها فكان الصوم مشبها لها في كونه مفروضا في وقت مستحق العين له . وهذا عند سائر الفقهاء ليس كذلك ، لأن العلة التي ذكرها للطهارة غير موجودة في الصوم ، إذ جعل علة الطهارة أنها مفروضة في موضع بعينه ، وهذا المعنى غير موجود في الصوم لأنه غير موضوع في موضع بعينه ، وإنما هو موضوع في وقت معين لا في موضع معين . وعلى أن هذه العلة منتقضة بالطواف ، لأنه مفروض في موضع معين ، ولو عدا رجل خلف غريم له يوم النحر حوالي البيت لم يكن طائفا طواف الزيارة ، وكذلك لو كان يسقي الناس هناك وبين الصفا والمروة لم يجزه ذلك من الواجب . فإذا كانت هذه العلة غير موجبة للحكم في معلولها من الطواف والسعي فبأن لا يوجب حكمها فيما ليست فيه موجودة أولى ، وعلى أن الطهارة مخالفة للصوم ، لما بينا من أنها غير مفروضة لنفسها وإنما هي شرط لغيرها لا على وجه البدل ، فلم تجب أن تكون النية شرطا فيها ، كأنه قيل : لا تصل إلا وأنت طاهر من الحدث ومن النجاسة ، ولا تصل إلا مستور العورة . وليس شرط غسل النجاسة وستر العورة النية ، كذلك الطهارة بالماء ، وأما الصوم فإنه مفروض مقصود لعينه كسائر الفروض التي ذكرنا ، فوجب أن يكون شرط صحته إيجاد النية له . ومعنى آخر ، وهو أنا قد علمنا أن الصوم على ضربين : منه الصوم اللغوي ، ومنه الصوم الشرعي ، وأن أحدهما

239

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 239
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست