responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 238


تأويلك . وأيضا فإنه صلى الله عليه وسلم مساو للأمة في سائر الأحكام إلا ما خصه الله تعالى به وأفرده من الجملة بتوقيف للأمة عليه بقوله تعالى : ( فاتبعوه ) [ الأنعام : 153 ، 155 ] وقوله : ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) [ الأحزاب : 21 ] .
فهذه الأمور التي ذكرنا مما تعبدنا فيه بالإمساك عنه في نهار رمضان ، هي من الصوم المراد به في قوله تعالى : ( ثم أتموا الصيام إلى الليل ) وقوله تعالى ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) فهي إذا من الصوم اللغوي والشرعي جميعا . وأما ما ليس بإمساك مما وصفنا ، فإنما هو من شرائطه ، ولا يكون الإمساك على الوجوه التي ذكرنا صوما شرعيا إلا بوجود هذه الشرائط ، وذلك الاسلام والبلوغ والنية وأن تكون المرأة غير حائض ، فمتى عدم شئ من هذه الشرائط خرج عن أن يكون صوما شرعيا . وأما الإقامة والصحة فهما شرط صحة لزومه ، ووجود المرض والسفر لا ينافي صحة الصوم وإنما ينافي لزوم الصوم على جهة الوجوب ، ولو صاما لصح صومهما ، وإنما قلنا : البلوغ شرط في صحة لزومه ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( رفع القلم عن ثلاثة : عن النائم حتى يستيقظ ، وعن المجنون حتى يفيق ، وعن الصبي حتى يحتلم ) ولا خلاف أنه لا يلزمه سائر العبادات ، فكذلك الصوم . وقد يؤمر به المراهق على وجه التعليم ليعتاده وليمرن عليه لقول تعالى : ( قوا أنفسكم وأهليكم نارا ) [ التحريم : 6 ] قيل في التفسير : أدبوهم وعلموهم ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( مروهم بالصلاة لسبع ، واضربوهم عليها لعشر ! ) وليس ذلك على وجه التكليف وإنما هو على وجه التعليم والتأديب .
وأما الاسلام فإنما كان شرطا في صحة فعله لقوله تعالى : ( لئن أشركت ليحبطن عملك ) [ الزمر : 65 ] فلا تصح له قربة إلا على شرط كونه مؤمنا .
وأما العقل ، فإن فقدت معه النية والإرادة فإنما ينفي عنه صحة الصوم لعدم النية ، فإن وجدت منه النية من الليل ثم عزب عقله لم ينف ذلك صحة صومه . وإنما قلنا إن النية شرط في صحة الصوم من قبل أنه لا يكون صوما شرعيا إلا بأن يكون فاعله متقربا به إلى الله عز وجل ، ولا تصح القربة إلا بالنية والقصد لها ، قال الله تعالى : ( لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم ) [ الحج : 37 ] فأخبر عز وجل أن شرط التقوى تحري موافقة أمره . ولما كان الشرط كونه متقيا فعل الصوم من المفروض لم يحصل له ذلك إلا بالنية ، لأن التقوى لا تحصل له إلا بتحري موافقة أمر الله والقصد إليه ، وقال تعالى : ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ) [ البينة : 5 ] ولا يكون إخلاص الدين له إلا بقصده به إليه راغبا عن أن يريد به غيره . فهذه أصول في تعلق صحة الفروض بالنيات .

238

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 238
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست