نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 240
إنما ينفصل من الآخر بالنية مع ما قدمنا من شرائطه . ومتى لم توجد له النية كان صوما لغويا لا حظ فيه للشرع ، فلذلك وجب اعتبار النية في صوم رمضان ، الا ترى أن من أمسك في يوم من غير رمضان عما يمسك عنه الصائم ولم يكن له نية الصوم أن صومه ذلك لا يكون صوم شرع ؟ وصوم التطوع مشبه لصوم رمضان في جواز ترك النية له من الليل ، فلما لم يكن صائما متطوعا بالإمساك دون النية وجب أن يكون صوم رمضان كذلك . ويلزم زفر أن يجعل المغمى عليه أياما في رمضان إذا لم يأكل ولم يشرب صائما لوجود الإمساك ، وهذا إن التزمه قائل كان قائلا قولا مستشنعا . وإنما قلنا أنه يحتاج إلى إيجاد النية كل يوم إما من الليل أو قبل الزوال ، من قبل أنا قد بينا أن صوم رمضان لا يصح إلا بينة ، ومن حيث افتقر إلى نية في أول الشهر وجب أن يكون اليوم الثاني مثله ، لأنه يخرج بالليل من الصوم ، ومتى خرج منه احتاج في دخوله فيه إلى نية ، وقال مالك : ( ما لم يكن وجوبه معينا من الصيام لم يصح إلا بنية من الليل ، وما كان وجوبه في وقت بعينه كان يعلمه ذلك الوقت صائما ) واستغنى عن نية الصيام بذلك ، فإذا قال : لله علي أن أصوم شهرا متتابعا ، فصام أول يوم أنه يجزيه باقي الأيام بغير نية ، وهو قول الليث بن سعد . وقال الثوري في صوم التطوع : ( إذا نواه في آخر النهار أجزأه ) . قال : وقال إبراهيم النخعي : ( له أجر ما يستقبل ) وهو مذهب الحسن بن صالح . وقال الثوري : ( يحتاج في صوم رمضان أن ينويه من الليل ) . وقال الأوزاعي : ( يجزيه نية صوم رمضان بعد نصف النهار ) . وقال الشافعي : ( لا يجزي كل صوم واجب رمضان وغيره إلا بنية من الليل ، ويجزي صوم التطوع بنية قبل الزوال ) . فأما الدلالة على بطلان قول من اكتفى بنية واحدة للشهر كله ، فهو ما قدمنا من افتقار صوم اليوم الثاني إلى الدخول فيه ، والدخول في الصوم لا يصح إلا بنية ، فوجب أن يكون شرط اليوم الثاني إيجاد النية كاليوم الأول . فإن قيل : يكتفى بالنية الأولى وهي نية لجميع الشهر كما يجتزئ في الصلاة بنية واحدة في أولها ولا يحتاج إلى تجديد النية لكل ركعة ، والمعنى الجامع بينهما أن الصلاة الواحدة لا كما تتخلل ركعاتها صلاة أخرى غيرها كما لا يتخلل صيام شهر رمضان صيام من غيره . قيل له : لو جاز أن يكتفى بنية واحدة للشهر لجاز أن يكتفي بها لعمره كله ، فلما بطل هذا واحتاج إلى نية لأول يوم لم يجز أن تكون تلك النية لسائر أيام الشهر كما لا يجوز أن تكون لسائر عمره . وأما تشبيهه بالصلاة فلا معنى له ، لأن الصلاة إنما اكتفي فيها بنية واحدة لأن الجميع مفعول بتحريمة واحدة ، ألا ترى أنه لا يصح بعضها دون بعض فكانت الركعات كلها مبنية على تلك التحريمة ؟ ألا ترى أنه متى ترك ركعة حتى
240
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 240