نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 215
لجميع ما اقتضى البيان من التقدير ، فما من مسافر إلا وهو الذي يكون سفره ثلاثا ، ولو كان ما دون الثلاث سفرا في الشرع لكان قد بقي مسافرا لم يتبين حكمه ولم يكن اللفظ مستوعبا لجميع ما اقتضى البيان وذلك يخرجه عن حكم البيان . ومن جهة أخرى أن المسافر اسم للجنس لدخول الألف واللام عليه ، فما من مسافر إلا وقد انتظمه هذا الحكم ، فثبت أن من خرج عنه فليس بمسافر يتعلق بسفره حكم ، وفي ذلك أوضح الدلالة على أن السفر الذي يتعلق به الحكم هو سفر ثلاث وأن ما دونه لا حكم له في إفطار ولا قصر . ومن جهة أخرى أن هذا الضرب من المقادير لا يؤخذ من طريق المقاييس ، وإنما طريق إثباته الاتفاق أو التوقيف ، فلما عدمنا فيما دون الثلاث الاتفاق والتوقيف وجب الوقوف عند الثلاث لوجود الاتفاق فيه أنه سفر يبيح الإفطار . وأيضا لما كان لزوم فرض الصوم هو الأصل واختلفوا في مدة رخصة الإفطار ، لم يجز لنا عند الاختلاف ترك الفرض إلا بالإجماع وهو الثلاث ، لأن الفروض يحتاط لها ولا يحتاط عليها وقد روي عن عبد الله بن مسعود وعمار وابن عمر أنه لا يفطر في أقل من الثلاث . قوله تعالى : ( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ) اختلف الفقهاء من السلف في تأويله ، فروى المسعودي عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل قال : ( أحيل الصيام على ثلاثة أحوال ثم أنزل الله : ( كتب عليكم الصيام ) إلى قوله : ( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ) فكان من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكينا وأجزى عنه ، ثم أنزل الله الآية الأخرى : ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) إلى قوله : ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) فأثبت الله تعالى صيامه على المقيم الصحيح ، ورخص فيه للمريض والمسافر ، وثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصيام ) . وعن عبد الله بن مسعود وابن عمر وابن عباس وسلمة بن الأكوع وعلقمة والزهري وعكرمة في قوله : ( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ) قال : ( كان من شاء صام ومن شاء أفطر وافتدى وأطعم كل يوم مسكينا ، حتى نزل : ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) ، وروي فيه وجه آخر ، وهو ما روى عبد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن الحرث عن علي كرم الله وجهه قال : ( من أتى عليه رمضان وهو مريض أو مسافر فليفطر وليطعم كل يوم مسكينا صاعا ، فذلك قوله ( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ) ) ووجه آخر ، وهو ما روى منصور عن مجاهد عن ابن عباس : أنه كان يقرأها : ( وعلى الذين يطوقونه فدية طعام مسكين ) قال : ( الشيخ الكبير الذي كان يطيق الصوم وهو شاب فأدركه الكبر وهو لا يستطيع أن يصوم من ضعف ولا يقدر أن يترك الطعام فيفطر ويطعم عن كل يوم مسكينا نصف صاع ) . وعن سعيد بن المسيب مثله .
215
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 215