responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 189


من غير رد له إلى المحكم وحمله على موافقته في معناه ، وحكم عليهم بالزيغ في قلوبهم بقوله : ( فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله [ آل عمران : 7 ] . وإذا ثبت أن قوله : ( كتب عليكم القصاص ) محكم ، وقوله : ( فمن عفي له من أخيه شئ ) متشابه ، وجب حمل معناه على معنى المحكم من غير مخالفة له ولا إزالة لشئ من حكمه ، وهو أن يكون على أحد الوجوه التي ذكرنا مما لا ينفي موجب لفظ الآية من القصاص ، من غير معنى آخر يضم إليه ولا عدول عنه إلى غيره . وكذلك قوله تعالى : ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) [ البقرة : 194 ] إذ كانت النفس مثلا فيما يستحقه الولي وهو القود ، فإذا كان المثل هو القود وإتلاف نفسه كما أتلف كان بمنزلة متلف المال الذي له مثل ولا يعدل عنه إلى غيره إلا بالتراضي لقوله تعالى : ( بمثل ما اعتدى عليكم ) [ البقرة : 194 ] وبدلالة الأصول عليه .
واحتج من أوجب للولي الخيار بين القود وأخذ المال من غير رضى القاتل بأخبار منها : حديث يحيى بن كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فتح مكة : ( من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يقتل وإما أن يودي ) وحديث يحيى بن سعيد عن أبي ذيب قال : حدثني سعيد المقبري قال : سمعت أبا شريح الكعبي يقول : قال النبي عليه السلام في خطبته يوم فتح مكة : ( ألا إنكم معشر خزاعة قتلتم هذا القتيل من هذيل وإني عاقله ، فمن قتل له بعد مقالتي هذه قتيل فأهله بين خيرتين : بين أن يأخذوا العقل وبين أن يقتلوا ) أو ورواه محمد بن إسحاق ، عن الحرث بن فضيل ، عن سفيان ، عن أبي العرجاء ، عن أبي شريح الخزاعي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من أصيب بدم أو بخبل - يعني الجراح - فوليه بالخيار بين إحدى ثلاث : بين العفو أو يقتص أو يأخذ الدية ) . وهذه الأخبار غير موجبة لما ذكروا لاحتمالها أن يكون المراد أخذ الدية برضى القاتل كما قال تعالى : ( فإما منا بعد وإما فداء ) [ محمد : 4 ] والمعنى : فداء برضى الأسير . فاكتفى بالمحذوف عن ذكره لعلم المخاطبين عند ذكر المال بأنه لا يجوز إلزامه إياه بغير رضاه . كذلك قوله : ( أو يأخذ الدية ) وقوله : ( أو يودي ) وكما يقول القائل لمن له دين على غيره : إن شئت فخذ دينك دراهم وإن شئت دنانير . وكما قال عليه السلام لبلال حين أتاه بتمر : ( أكل تمر خيبر هكذا ؟ ) فقال : لا ، ولكنا نأخذ الصاع منه بالصاعين والصاعين بثلاثة . فقال عليه السلام : ( لا تفعلوا ! ولكن بع تمرك بعرض ثم خذ بالعرض هذا ) ومعلوم أنه لم يرد أن يأخذ التمر بالعرض بغير رضى الآخر ، ويكون ذكره الدية إبانة عما نسخه الله عما كان على بني إسرائيل من امتناع أخذ الدية برضى القاتل وبغير رضاه تخفيفا عن هذه الأمة على ما روي عن ابن عباس ( أن القصاص كان في بني إسرائيل ولم يكن فيهم أخذ الدية فخفف الله عن هذه الأمة ) .

189

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 189
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست