نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 188
الواجب هو المال وله نقله إلى القود لإيجابه التخيير ، كذلك قول من قال ( الواجب هو القود وله نقله إلى المال ) إذ لم ينفك في الحالين من إيجاب التخيير بنفس القتل ، والله سبحانه إنما كتب على القاتل القصاص بقوله : ( عليكم القصاص في القتلى ) ولم يقل : كتب عليكم المال في القتلى ، ولا : كتب عليكم القصاص أو المال في القتلى . والقائل بأن الواجب هو القود وله نقله إلى المال إنما عبر عن التخيير الذي أوجبه له بغير اسمه وأخطأ في العبارة عنه . فإن قال قائل : هذا كما تقول إن الواجب هو القصاص ولهما جميعا نقله إلى المال بتراضيهما ، ولم يكن في جواز تراضيهما على نقله إلى المال اسقاط لموجب حكم الآية من القصاص . قيل له : من قبل أنا قد بينا بديا أن القصاص حق للولي على القاتل من غير إثبات تخيير له بين القود وغيره وتراضيهما على نقله إلى البدل ، لا يخرجه من أن يكون هو الحق الواجب دون غيره ، لأن ما تعلق حكمه بتراضيهما لا يؤثر في الأصل الذي كان واجبا من غير خيار ، ألا ترى أن الرجل قد يملك العبد والدار ولغيره أن يشتريه منه برضاه وليس في جواز ذلك نفي الملك الأصل لمالكه الأول ولا موجبا لأن يكون ملكه موقوفا على الخيار ؟ وكذلك الرجل يملك طلاق امرأته ويملك الخلع وأخذ البدل عن الطلاق وليس في ذلك إثبات ملك الطلاق له بديا ، على أنه مخير في نقله إلى المال من غير رضى المرأة ، وأنه لو كان له أن يطلق أو يأخذ المال بديا من غير رضاها لكان ذلك موجبا لكونه مالكا لأحد شيئين من طلاق أو مال . ويدل على أن الواجب بالقتل هو القود لا غير حديث أنس الذي قدمنا إسناده في قصة الربيع حين كسرت ثنية جارية ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كتاب الله القصاص ) فأخبر أن موجب الكتاب هو القصاص ، فغير جائز لأحد إثبات شئ معه ولا نقله إلى غيره إلا بمثل ما يجوز به نسخ الكتاب . ولو سلمنا احتمال الآية لما ادعوه من تأويلها في جواز أخذ المال من غير رضى القاتل في قوله : ( فمن عفي له من أخيه شئ ) مع احتماله للوجوه التي ذكرنا ، كان أكبر أحواله أن يكون اللفظ مشتركا محتملا للمعاني ، فيوجب ذلك أن يكون متشابها ، ومعلوم أن قوله تعالى : ( كتب عليكم القصاص ) محكم ظاهر المعنى بين المراد لا اشتراك في لفظه ولا احتمال في تأويله . وحكم المتشابه أن يحمل على معنى المحكم ويرد إليه بقوله تعالى : ( منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات ) [ آل عمران : 7 ] إلى قوله : ( وابتغاء تأويله ) [ آل عمران : : ] فأمر الله تعالى برد المتشابه إلى المحكم ، لأن وصفه للمحكم بأنه أم الكتاب يقتضي أن يكون غيره محمولا عليه ومعناه معطوفا عليه ، إذ كان أم الشئ ما منه ابتداؤه وإليه مرجعه ، ثم ذم من اتبع المتشابه واكتفى بما احتمله اللفظ من تأويله
188
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 188