responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 187


الديات ، فأمروا به بالاتباع بالمعروف وأمر القاتل بالأداء إليهم بإحسان ، ويكون على اختلاف فيه بيان حكم الدم إذا عفا عنه بعض الأولياء . فهذه الوجوه كلها على اختلاف معانيها تحتملها الآية وهي مرادة من غير اسقاط شئ من لفظها .
فإن قال قائل : وما تأوله المخالفون في إيجاب الدية للولي باختياره من غير رضى القاتل تحتمله الآية ، فوجب أن يكون مرادا ، إذ ليس فيه نفي لتأويلات الآخرين ، ويكون قوله : ( فمن عفي له ) معناه أنه ترك له ، من قولهم : ( عفت المنازل ) إذا تركت حتى درست ، والعفو عن الذنوب ترك العقوبة عليها ، فيفيد ذلك ترك القود إلى الدية . قيل له :
إن كان كذلك فينبغي أن يكون لو ترك الدية وأخذ القود أن يكون عافيا ، لأنه تارك لأخذ الدية ، وقد يسمى ترك المال وإسقاطه عفوا ، قال الله : ( فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أن يعفو الذي بيده عقدة النكاح ) [ البقرة : 237 ] فأطلق اسم العفو على الإبراء من المال . ومعلوم عند الجميع امتناع إطلاق العفو على من آثر أخذ القود وترك أخذ الدية ، فكذلك العادل عن القود إلى أخذ الدية لا يستحق اسم العافي ، إذ كان إنما اختار أحد الشيئين كان مخيرا في اختيار أيهما شاء ، لأن من كان مخيرا بين أحد شيئين فاختار أحدهما كان الذي اختاره هو حقه الواجب له قد تعين عليه حكمه عند فعله كأنه لم يكن غيره ، ألا ترى أن من اختار التكفير بالعتق في كفارة اليمين كان العتق هو كفارته كأنه لم يكن غيره وسقط عنه حكم ما عداه أن يكون من فرضه ؟ كذلك هذا الولي لو كان مخيرا في أحد شيئين من قود أو مال ثم اختار أحدهما لم يستحق اسم العافي لتركه أحدهما إلى الآخر . فلما كان اسم العفو منتفيا عمن ذكرنا حاله لم يجز تأويل الآية عليه ، وكانت المعاني التي قدمنا ذكرها أولى بتأويلها . ثم ليس يخلو الواجب للولي بنفس القتل أن يكون القود والدية جميعا أو القود دون الدية أو أحدهما على وجه التخيير . لا جائز أن يكون حقه الأمرين جميعا بالاتفاق ، ولا يجوز أيضا أن يكون الواجب أحدهما على حسب ما يختاره الولي كما في كفارة اليمين ونحوها ، لما بينا من أن الذي أوجبه الله تعالى في الكتاب هو القصاص ، وفي إثبات التخيير بينه وبين غيره زيادة في النص ونفي لإيجاب القصاص ، ومثله عندنا يوجب النسخ ، فإذا الواجب هو القود لا غيره ، فلا جائز له أخذ المال إلا برضى القاتل ، لأن كل من له قبل غيره حق يمكن استيفاءه منه لم يجز له نقله إلى بدل غيره إلا برضى من عليه الحق . وعلى أن قائل هذا القول مخطئ في العبارة حين قال : ( الواجب هو القود وله أن يأخذ المال ) لأنه لم يخرجه من أن يكون مخيرا فيه ، إذ قد جعل له أن يستوفي الوقد إن شاء وإن شاء المال ، فلو قال قائل : ( الواجب هو المال وله نقله إلى القود بدلا منه ) كان مساويا له ، فلما فسد قول هذا القائل من أن

187

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 187
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست