نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 142
حبيب بن أبي ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن عكيم قال : ( كتب إلينا عمر بن الخطاب أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب ) فذكر في هذا الحديث أن عمر كتب إليهم بذلك ، فلا يجوز معارضة الأخبار التي قدمنا بمثله . ومن جهة أخرى أنهما لو تساويا في النقل لكان خبر الإباحة أولى لاستعمال الناس له وتلقيهم إياه بالقبول . ووجه آخر : وهو أن خبر عبيد الله بن عكيم لو انفرد عن معارضة الأخبار التي قدمنا لم يكن فيه ما يوجب تحريم الجلد بعد الدباغ ، لأنه قال : ( لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب ) وهو إنما يسمى إهابا قبل الدباغ ، والمدبوغ لا يسمى إهابا وإنما يسمى أديما ، فليس إذا في هذا الخبر ما يوجب تحريمه بعد الدباغ . وأما قول الليث بن سعد في إباحة بيع جلد الميتة قبل الدباغ فقول خارج عن اتفاق الفقهاء لم يتابعه عليه أحد ، ومع ذلك هو مخالف لقوله عليه السلام : ( لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب ) لأنه قبل الدباغ يسمى إهابا ، والبيع من وجوه الانتفاع ، فوجب أن يكون محظورا بقوله ( لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب ) . قال أبو بكر : فإن قال قائل : قوله عليه السلام : ( إنما حرم من الميتة أكلها ) يدل على أن التحريم مقصور على الأكل دون البيع ! قيل له : فينبغي أن تجيز بيع لحمها بقوله : ( إنما حرم أكلها ) فإذا لم يجز بيع اللحم مع قوله : ( إنما حرم أكلها ) كذلك حكم الجلد قبل الدباغ . فإن قال قائل : منعت بيع اللحم بقوله : ( إنما حرم أكلها ) ، قيل له : وأمنع بيع الجلد بقوله : ( حرمت عليكم الميتة ) [ المائدة : 3 ] لأنه لم يفرق بين الجلد واللحم وإنما خص من جملته المدبوغ منه دون غيره . وأيضا فروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لعن الله اليهود ! حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها ) وإذا كان الجلد محرم الأكل قبل الدباغ كتحريم اللحم ، وجب أن لا يجوز بيعه كبيع اللحم نفسه وكبيع سائر المحرمات لأعيانها كالخمر والدم ونحوهما . وأما جلد الكلب فيلحقه الدباغ ويطهر إذا كان ميتة ، لقوله عليه السلام : ( أيما إهاب دبغ فقد طهر ) وقال : ( دباغ الأديم ذكاته ) ولم يفرق بين الكلب وغيره ، ولأنه تلحقه الذكاة عندنا لو ذبح لكان طاهرا ، فإن قيل : إذا كان نجسا في حال الحياة كيف يطهر بالدباغ ؟ قيل له : كما يكون جلد الميتة نجسا ويطهره الدباغ ، لأن الدباع ذكاته كالذبح . وأما الخنزير فلا تلحقه الذكاة لأنه محرم العين بمنزلة الخمر والدم فلا تعمل فيه
142
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 142