responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 118


السعي فاسعوا ! فذكرت في هذا الحديث أنها سمعته يقول ذلك بين الصفا والمروة ولم تذكر اسم الرواية . وقد روى محمد بن عبد الرحمن بن محيصن عن عطاء بن أبي رباح قال : حدثتني صفية بنت شيبة عن امرأة يقال لها حبيبة بنت أبي تجزءة قالت : دخلت دار أبي حسين ومعي نسوة من قريش والنبي صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت حتى إن ثوبه ليدور به وهو يقول لأصحابه : ( اسعوا ! فإن الله تعالى قد كتب عليكم السعي ) فذكر في هذا الحديث أن النبي عليه السلام قال ذلك وهو في الطواف ، فظاهر ذلك يقتضي أن يكون مراده السعي في الطواف وهو الرمل والطواف نفسه ، لأن المشي يسمى سعيا ، قال الله تعالى :
( فاسعوا إلى ذكر الله ) [ الجمعة : 9 ] وليس المراد إسراع المشي ، وإنما هو المصير إليه .
والخبر الأول الذي ذكر فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك وهو يسعى بين الصفا والمروة لا دلالة فيه على أنه أراد السعي بينهما ، إذ جائز أن يكون مراده الطواف بالبيت والرمل فيه ، وهو سعي لأنه إسراع المشي . وأيضا فإن ظاهره يقتضي جواز أي سعي كان ، وهو إذا رمل فقد سعى ، ووجوب التكرار لا دلالة عليه . فالأخبار الأول التي ذكرناها دالة على وجوب السعي ، لأنه سنة لا ينبغي تركها ، ولا دلالة فيها على أن من تركها لا ينوب عنه دم ، والدليل على أن الدم ينوب عنه لمن تركه حتى يرجع إلى أهله اتفاق السلف على جواز السعي بعد الإحلال من جميع الإحرام كما يصح الرمي وطواف الصدر ، فوجب أن ينوب عنه الدم كما ناب عن الرمي وطواف الصدر .
فإن قيل : طواف الزيارة يفعل بعد الإحلال ولا ينوب عنه الدم ! قيل له : ليس كذلك ، لأن بقاء طواف الزيارة يوجب كونه محرما عن النساء ، وإذا طاف فقد حل له كل شئ بلا خلاف بين الفقهاء ، وليس لبقاء السعي تأثير في بقاء شئ من الإحرام كالرمي وطواف الصدر .
فإن قال قائل : فإن الشافعي يقول : إذا طاف للزيارة لم يحل من النساء وكان حراما حتى يسعى بالصفا والمروة ؟ قيل له : قد اتفق الصدر الأول من التابعين والسلف بعدهم أنه يحل بالطواف بالبيت ، لأنهم على ثلاثة أقاويل بعد الحلق ، فقال قائلون : هو محرم من اللباس والصيد والطيب حتى يطوف بالبيت . وقال عمر بن الخطاب : هو محرم من النساء والطيب . وقال ابن عمر وغيره : هو محرم من النساء حتى يطوف . فقد اتفق السلف على أنه يحل من النساء بالطواف بالبيت دون السعي بين الصفا والمروة . وأيضا فإن السعي بينهما لا يفعل إلا تبعا للطواف ، ألا ترى أن من لا طواف عليه لا سعي عليه ، وأنه لا يتطوع بالسعي بينهما كما لا يتطوع بالرمي ؟ فدل على أنه من توابع الحج والعمرة .
فإن قيل : الوقوف بعرفة لا يفعل إلا بعد الإحرام ، وطواف الزيارة لا يفعل إلا بعد

118

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 118
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست