نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 100
جائز أن يراد به الجد لأنه مجاز ولا يتناول الإطلاق للحقيقة والمجاز في لفظ واحد . قال أبو بكر : فأما دفع الاحتجاج بعموم لفظ الأب في إثبات الجد أبا من حيث سمي العم أبا في الآية مع اتفاق الجميع على أنه لا يقوم مقام الأب بحال ، فإنه مما لا يعتمد ، لأن إطلاق اسم الأب إن كان يتناول الجد والعم في اللغة والشرع فجائز اعتبار عمومه في سائر ما أطلق فيه ، فإن خص العم بحكم دون الجد لا يمنع ذلك بقاء حكم العموم في الجد . ويختلفان أيضا في المعنى من قبل أن الأب إنما سمي بهذا الاسم لأن الابن منسوب إليه بالولاد ، وهذا المعنى موجود في الجد ، وإن كانا يختلفان من جهة أخرى أن بينه وبين الجد واسطة وهو الأب ولا واسطة بينه وبين الأب ، والعم ليست له هذه المنزلة إذ لا نسبة بينه وبينه من طريق الولاد ، ألا ترى أن الجد وإن بعد في المعنى بمعنى من قرب في إطلاق الاسم وفي الحكم جميعا إذا لم يكن من هو أقرب منه ، فكان للجد هذا الضرب من الإختصاص ، فجائز أن يتناوله إطلاق اسم الأب . ولما لم يكن للعم هذه المزية لم يسم به مطلقا ، ولا يعقل منه أيضا إلا بتقيد . والجد مساو للأب في معنى الولاد فجائز أن يتناوله اسم الأب وأن يكون حكمه عند فقده حكمه . وأما من دفع ذلك من جهة أن تسمية الجد باسم الأب مجاز وأن الأب الأدنى مراد بالآية ، فغير جائز إرادة الجد به لانتفاء أن يكون اسم واحد مجازا حقيقة ، فغير واجب من قبل أنه جائز أن يقال إن المعنى الذي من أجله سمي الأب بهذا الاسم وهو النسبة إليه من طريق الولاد موجود في الجد ، ولم يختلف المعنى الذي من أجله قد سمي كل واحد منهما . فجاز إطلاق الاسم عليهما وإن كان أحدهما أخص به من الآخر كالأخوة يتناول جميعهم هذا الاسم لأب كانوا أو لأب وأم ، ويكون الذي للأب والأم أولى بالميراث وسائر أحكام الأخوة من الذين للأب والاسم فيهما جميعا حقيقة . وليس يمتنع أن يكون الاسم حقيقة في معنيين وإن كان الإطلاق إنما يتناول أحدهما دون الآخر ، ألا ترى أن اسم النجم يقع على كل واحد من نجوم السماء حقيقة والإطلاق عند العرب يتناول النجم الذي هو الثريا ؟ يقول القائل منهم : فعلت كذا وكذا والنجم على قمة الرأس ، يعني الثريا . ولا تعقل العرب بقولها ( طلع النجم ) عند الإطلاق غير الثريا ، وقد سموا هذا الاسم لسائر نجوم السماء على الحقيقة ، فكذلك اسم الأب لا يمتنع عند المحتج بما وصفنا أن يتناول الأب والجد على الحقيقة وإن اختص الأب به في بعض الأحوال ، ولا يكون في استعمال اسم الأب في الأب الأدنى والجد إيجاب كون لفظة واحدة حقيقة مجازا . فإن قيل : لو أن اسم الأب مختصا بالنسبة من طريق الولاد للحق الأم هذا الاسم لوجود الولاد فيها ، فكان الواجب أن تسمى الأم أبا ، وكانت الأم أولى بذلك من الأب
100
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 100