responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 560


كان عثمان قال للناس : ( إن هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليؤده ثم ليزك بقية ماله ) فجعل أرباب الأموال وكلاء له في أدائها ولم يسقط في ذلك حق الإمام في أخذها .
وقال أبو يوسف : ( كل صدقة واجبة فغير جائز دفعها إلى الكفار ) قياسا على الزكاة .
قوله تعالى : ( وللفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض ) الآية . يعني ، والله أعلم : النفقة المذكورة بديا ، والمراد بها الصدقة ، وروي عن مجاهد والسدي : ( المراد فقراء المهاجرين ) . وقوله تعالى : ( أحصروا في سبيل الله ) قيل إنهم منعوا أنفسهم التصرف في التجارة خوف العدو من الكفار ، روي ذلك عن قتادة ، لأن الإحصار منع النفس عن التصرف لمرض أو حاجة أو مخافة ، فإذا منعه العدو قيل أحصره ) .
وقوله تعالى : ( يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف ) يعني والله أعلم : الجاهل بحالهم ، وهذا يدل على أن ظاهر هيئتهم وبزتهم غير يشبه حال الأغنياء ، ولولا ذلك لما ظنهم الجاهل أغنياء ، لأن ما يظهر من دلالة الفقر شيئان : أحدهما بذاذة الهيئة ورثاثة ، الحال والآخر : المسألة ، على أنه فقير فليس يكاد يحسبهم الجاهل أغنياء إلا لما يظهر له من حسن البزة الدالة على الغنى في الظاهر .
وفي هذه الآية دلالة على أن من له ثياب الكسوة ذات قيمة كثيرة لا تمنعه إعطاء الزكاة ، لأن الله تعالى قد أمرنا بإعطاء الزكاة من ظاهر حاله مشبه لأحوال الأغنياء . ويدل على أن الصحيح الجسم جائز أن يعطى من الزكاة ، لأن الله تعالى أمر بإعطاء هؤلاء القوم ، وكانوا من المهاجرين الذين كانوا يقاتلون مع النبي صلى الله عليه وسلم المشركين ولم يكونوا مرضى ولا عميانا .
وقوله عز وجل : ( تعرفهم بسيماهم ) فإن السيما العلامة . قال مجاهد : ( المراد به هنا التخشع ) . وقال السدي والربيع بن أنس : ( هو علامة الفقر ) وقال الله تعالى :
( سيماهم في وجوههم من أثر السجود ) [ الفتح : 29 ] يعني علامتهم . فجائز أن تكون العلامة المذكورة في قوله تعالى : ( تعرفهم بسيماهم ) ما يظهر في وجه الانسان من كسوف البال وسوء الحال ، وإن كانت بزتهم وثيابهم وظاهر هيئتهم حسنة جميلة ، وجائز أن يكون الله تعالى قد جعل لنبيه علما يستدل به إذا رآهم عليه على فقرهم ، وإن كنا لا نعرف ذلك مهم إلا بظهور المسألة منهم أو بما يظهر من بذاذة هيئتهم .
مطلب في جواز الاستدلال بالسيما والامارة وهذا يدل على أن لما يظهر من السيما حظا في اعتبار حال من يظهر ذلك عليه .

560

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 560
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست