نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 36
قيل له : لما أراد ما يعقل ومالا يعقل جاز تغليب اسم ما يعقل ، كقوله تعالى : ( خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع ) [ النور : 45 ] لما دخل في الجملة من يعقل أجرى الجميع مجرى واحدا . وهذه الآية تدل على أن أصول اللغات كلها توقيف من الله تعالى لآدم عليه السلام عليها على اختلافها ، وأنه علمه إياها بمعانيها ، إذ لا فضيلة في معرفة الأسماء دون المعاني ، وهي دلالة على شرف العلم وفضيلته ، لأنه تعالى لما أراد إعلام الملائكة فضيلة آدم علمه الأسماء بمعانيها حتى أخبر الملائكة بها ولم تكن الملائكة علمت منها ما علمه آدم فاعترفت له بالفضل في ذلك . ومن الناس من يقول إن لغة آدم وولده كانت واحدة إلى زمان الطوفان ، فلما أغرق الله تعالى أهل الأرض وبقي من نسل نوح من بقي وتوفي نوح عليه السلام وتوالدوا وكثروا ، أرادوا بناء صرح ببابل يمتنعون به من طوفان إن كان بلبل الله ألسنتهم فنسي كل فرقة منهم اللسان الذي كان عليه ، وعلمها الله الألسنة التي توارثها بعد ذلك ذريتهم عنهم ، وتفرقوا في البلدان وانتشروا في الأرض . ومن الناس من يأبى ذلك ويقول : لا يجوز أن ينسى انسان كامل العقل جميع لغته التي كان يتكلم بها بالأمس ، وأنهم قد كانوا عارفين بجميع اللغات إلى أن تفرقوا ، فاقتصر كل أمة منهم على اللسان الذي هم عليه اليوم وتركوا سائر الألسنة التي كانوا عرفوها ولم تأخذها عنهم أولادهم ونسلهم ، فلذلك لم يعرف من نشأ بعدهم سائر اللغات . باب السجود لغير الله تعالى قال الله تعالى : ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا ) روى شعبة عن قتادة : أن الطاعة كانت لله تعالى في السجود لآدم ، أكرمه الله بذلك . وروى معمر عن قتادة في قوله ( وخروا له سجدا ) [ يوسف : 100 ] قال : ( كانت تحيتهم السجود ) . وليس يمتنع أن يكون ذلك السجود عبادة لله تعالى وتكرمة وتحية لآدم عليه السلام ، وكذلك سجود إخوة يوسف عليهم السلام وأهله له ، وذلك لأن العبادة لا تجوز لغير الله تعالى ، والتحية والتكرمة جائزان لمن يستحق ضربا من التعظيم . ومن الناس من يقول : إن السجود كان لله وآدم كان بمنزلة القبلة لهم . وليس هذا بشئ ، لأنه يوجب أن لا يكون لآدم في ذلك حظ من التفضيل والتكرمة . وظاهر ذلك
36
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 36