responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 35


والعلم بصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأن الله تعالى لم يقتصر فيما دعا الناس إليه من معرفة توحيده وصدق رسوله على الخبر دون إقامة الدلالة على صحته من جهة عقولنا . وقوله تعالى : ( وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ) يدل على أن البشارة هي الخبر السار ، والإظهار والأغلب أن إطلاقه يتناول من الأخبار ما يحدث عنده الاستبشار والسرور وإن كان قد يجري على غيره مقيدا كقوله ( فبشرهم بعذاب أليم ) [ آل عمران : 21 ] وكذلك قال أصحابنا فيمن قال : ( أي عبد بشرني بولادة فلانة فهو حر ) فبشروه جماعة واحدا بعد واحد ، أن الأول يعتق دون غيره لأن البشارة حصلت بخبره دون غيره ، ولم يكن هذا عندهم بمنزلة ما لو قال : ( أي عبد أخبرني بولادتها ) ، فأخبروه واحدا بعد واحد أنهم يعتقون جميعا ، لأنه عقد اليمين على خبر مطلق فيتناول سائر المخبرين ، وفي البشارة عقدها على خبر مخصوص بصفة وهو ما يحدث عنده السرور والاستبشار . ويدل على أن موضوع هذا الخبر ما وصفنا قولهم :
رأيت البشر في وجهه ، يعني الفرح والسرور . قال الله في صفة وجوه أهل الجنة ( وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة ) [ عبس : 38 و 39 ] فأخبر عما ظهر في وجوههم من آثار السرور والفرح بذكر الاستبشار ، ومنه سموا الرجل بشيرا تفاؤلا منهم إلى الأخبار بالخير دون الشر . وسموا ما يعطى البشير على هذا الخبر بشرى ، وهذا يدل على أن الإطلاق يتناول الخبر المفيد سرورا فلا ينصرف إلى غيره إلا بدلالة ، وأنه متى أطلق في الشر فإنما يراد به الخبر فحسب ، وكذلك قوله تعالى ( فبشرهم بعذاب اليم ) [ آل عمران : 21 ] معناه أخبرهم . ويدل على ما وصفنا من أن البشير هو المخبر الأول فيما ذكرنا من حكم اليمين قولهم : ( ظهرت لنا تباشير هذا الأمر ) يعنون أوله ، ولا يقولون ذلك في الشر وفيما يغم ، وإنما يقولونه فيما يسر ويفرح . ومن الناس من يقول أن أصله فيما يسر ويغم ، لأن معناه ما يظهر أولا في بشرة الوجه من سرور أو غم ، إلا أنه كثر فيما يسر فصار الإطلاق أخص به منه بالشر .
وقوله تعالى : ( وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبؤوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين ) يدل على أنه علم الأسماء كلها لآدم ، أعني الأجناس بمعانيها لعموم اللفظ في ذكر الأسماء . وقوله ( ثم عرضهم على الملائكة ) فيه دلالة على أنه أراد أسماء ذريته على ما روي عن الربيع بن أنس ، إلا أنه قد روي عن ابن عباس ومجاهد أنه علمه أسماء جميع الأشياء . وظاهر اللفظ يوجب ذلك .
فإن قيل : لما قال ( عرضهم ) دل على أنه أسماء من يعقل ، لأن ( هم ) إنما يطلق فيما يعقل دون مالا يعقل .

35

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 35
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست