responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 37


يقتضي أن يكون آدم مفضلا مكرما ، فذلك كظاهر الحمد إذا وقع لمن يستحق ذلك يحمل على الحقيقة ولا يحمل على ما يطلق من ذلك مجازا ، كما يقال : أخلاق فلان محمودة ومذمومة ، لأن حكم اللفظ أن يكون محمولا على بابه وحقيقته .
ويدل على أن الأمر بالسجود قد كان أراد به تكرمة آدم عليه السلام وتفضيله قول إبليس فيما حكى الله عنه ( أأسجد لمن خلقت طينا قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي ) [ الاسراء : 61 و 62 ] فأخبر إبليس أن امتناعه كان من السجود لأجل ما كان من تفضيل الله وتكرمته بأمره إياه بالسجود له ، ولو كان الأمر بالسجود له على أنه نصب قبلة للساجدين من غير تكرمة له ولا فضيلة لما كان لآدم في ذلك حظ ولا فضيلة تحسد ، كالكعبة المنصوبة للقبلة . وقد كان السجود جائزا في شريعة آدم عليه السلام للمخلوقين ، ويشبه أن يكون قد كان باقيا إلى زمان يوسف عليه السلام ، فكان فيما بينهم لمن يستحق ضربا من التعظيم ويراد إكرامه وتبجيله بمنزلة المصافحة والمعانقة فيما بيننا وبمنزلة تقبيل اليد ، وقد روي عن النبي عليه السلام في إباحة تقبيل اليد أخبار ، وقد روي الكراهة إلا أن السجود لغير الله تعالى على وجه التكرمة والتحية منسوخ بما روت عائشة وجابر بن عبد الله وأنس ، أن النبي عليه السلام قال : ( ما ينبغي لبشر أن يسجد لبشر ، ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ) من عظم حقه عليها ) لفظ حديث أنس بن مالك .
قوله تعالى : ( وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ) . قيل إن فائدة قوله ( ولا تكونوا أول كافر به ) وإن كان الكفر قبيحا من الأول والآخر منهيا عنه الجميع إن السابق إلى الكفر يقتدي به غيره . فيكون أعظم لمأثمه وكان وجرمه ، كقوله تعالى ( وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم ) [ العنكبوت : 13 ] وقوله : ( من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ) [ المائدة ، 32 ] . وروي عن النبي عليه السلام : ( أن على ابن آدم القاتل كفلا من الإثم في كل قتيل ظلما ، لأنه أول من سن القتل ) . وقال عليه السلام : ( من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ) .
قوله تعالى : ( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين ) . لا يخلو من أن يكون راجعا إلى صلاة معهودة وزكاة معلومة وقد عرفها ، أو أن يكون متناولا صلاة مجملة وزكاة مجملة موقوفة على البيان ، إلا أنا قد علمنا الآن أنه قد أريد بهما فيما خوطبنا به من هذه الصلوات المفروضة والزكوات الواجبة ، إما لأنه كان ذلك معلوما عند المخاطبين في حال ورود الخطاب ، أو أن يكون كان ذلك مجملا ورد بعده بيان المراد

37

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 37
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست