responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 34


والتبدئة بسم الله تعالى ، وتعليمنا حمده والثناء عليه ، والدعاء له ، والرغبة إليه في الهداية إلى الطريق المؤدي إلى معرفته وإلى جنته ورضوانه دون طريق المستحقين لغضبه والضالين عن معرفته ، وشكره على نعمته ، ثم ابتدأ في سورة البقرة بذكر المؤمنين ووصفهم ، ثم ذكر الكافرين وصفتهم ، ثم ذكر المنافقين ونعتهم وتقريب أمرهم إلى قلوبنا بالمثل الذي ضربه بالذي استوقد نارا وبالبرق الذي يضئ في الظلمات من غير بقاء ولا ثبات ، وجعل ذلك مثلا لإظهارهم الإيمان ، وإن الأصل الذي يرجعون إليه وهم ثابتون عليه هو الكفر ، كظلمة الليل والمطر اللذين يعرض في خلالهما برق يضئ لهم ثم يذهب فيبقون في ظلمات لا يبصرون . ثم ابتدأ بعد انقضاء ذكر هؤلاء بإقامة الدلالة على التوحيد بما لا يمكن أحد دفعه : من بسطه الأرض وجعلها قرارا ينتفعون بها ، وجعل معايشهم وسائر منافعهم وأقواتهم منها ، وإقامتها على غير سند ، إذ لا بد أن يكون لها نهاية لما ثبت من حدوثها ، وأن ممسكها ومقيمها كذلك هو الله خالقها وخالقكم المنعم عليكم بما جعل لكم فيها من أقواتكم وسائر ما أخرج من ثمارها لكم ، إذ لا يجوز أن يقدر على مثل ذلك إلا القادر الذي لا يعجزه ولا يشبهه شئ ، فحثهم على الاستدلال بدلائله ، ونبههم على نعمه ، ثم عقب ذلك بالدلالة على نبوة النبي عليه السلام بما أظهر من عجزهم عن الإتيان بمثل سورة من القرآن ، ودعاهم في ذلك كله إلى عبادة الله تعالى وحده المنعم علينا بهذه النعم ، فقال : ( فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون ) يعني - والله أعلم - تعلمون أن ما تدعونه آلهة لا تقدر على شئ من ذلك ، وأن الله هو المنعم عليكم به دونها ، وهو الخالق لها . وقيل في معنى قوله ( وأنتم تعلمون ) أنكم تعلمون الفصل بين الواجب وغير الواجب ، ويكون معناه أن الله تعالى قد جعل لكم من العقل ما يمكنكم به الوصول إلى معرفة ذلك فوجب تكليفكم ذلك ، إذ غير جائز في العقل إباحة الجهل بالله تعالى مع إزاحة العلة والتمكن من المعرفة ، فلما قرر جميع ذلك عندهم بدلائله الدالة عليه عطف عليه بذكر الوعيد بقوله : ( فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين ) ثم عقب بذكر ما وعد المؤمنين في الآخرة بقوله :
( وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ) إلى آخر ما ذكر مطلب في أمر الله تعالى باستعمال الحجج العقلية والاستدلال بها قال أبو بكر رحمه الله : وقد تضمنت هذه الآيات مع ما ذكرنا من التنبيه على دلائل التوحيد وإثبات النبوة الأمر باستعمال حجج العقول والاستدلال بدلائلها ، وذلك مبطل لمذهب من نفي الاستدلال بدلائل الله تعالى واقتصر على الخبر بزعمه في معرفة الله

34

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 34
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست