responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 33


فتبين له حينئذ موضع الدلالة على تثبيت النبوة ، كما كان حكم من كان في عصره من لزوم الحجة به وقيام الدلالة عليه .
والوجه الآخر من الدلالة أنه معلوم عند المؤمنين بالنبي عليه السلام وعند الجاحدين لنبوته أنه كان من أتم الناس عقلا ، وأكملهم خلقا ، وأفضلهم رأيا ، فما طعن عليه أحد في كمال عقله ووفور حلمه وصحة فهمه وجودة رأيه ، وغير جائز على من كان هذا وصفه أن يدعي أنه نبي الله قد أرسله إلى خلقه كافة ، ثم جعل علامة نبوته ودلالة صدقه كلاما يظهره ويقرعهم به ، مع علمه بأن كل واحد منهم يقدر على مثله ، فيظهر حينئذ كذبه وبطلان دعواه ، فدل ذلك على أنه لم يتحداهم بذلك ولم يقرعهم بالعجز عنه إلا هو من عند الله لا يقدر العباد على مثله .
الثالث قوله تعالى في نسق التلاوة : ( فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا ) فأخبر أنهم لا يعارضونه ولا يقع ذلك منهم ، وذلك إخبار بالغيب ووجد مخبره على ما هو به . ولا تتعلق هذه بإعجاز النظم ، بل هي قائمة بنفسها في تصحيح نبوته ، لأنه إخبار بالغيب ، كما لو قال لهم : ( الدلالة على صحة قولي أنكم مع صحة أعضائكم وسلامة جوارحكم لا يقع من أحد منكم أن يمس رأسه وأن يقوم من موضعه ) فلم يقع ذلك منهم ، مع سلامة أعضائهم وجوارحهم ، وتقريعهم به مع حرصهم على تكذيبه ، كان ذلك دليلا على صحة نبوته ، إذ كان مثل ذلك لا يصح إلا كونه من قبل القادر الحكيم الذي صرفهم عن ذلك في تلك الحال .
قال أبو بكر : وقد تحدى الله الخلق كلهم من الجن والإنس بالعجز عن الإتيان بمثل القرآن بقوله تعالى : ( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ) [ الإسراء : 88 ] . فلما ظهر عجزهم قال :
( فأتوا بعشر سور مثله مفتريات ) [ الهود : 13 ] فلما عجزوا قال : ( فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين ) [ الطور : 34 ] . فتحداهم بالإتيان بمثل أقصر سورة منه ، فلما ظهر عجزهم عن ذلك وقامت عليهم الحجة وأعرضوا عن طريق المحاجة وصمموا على القتال والمغالبة ، أمر الله نبيه بقتالهم . وقيل في قوله تعالى ، ( وادعوا شهداءكم من دون الله ) أنه أراد به أصنامهم وما كانوا يعبدونهم من دون الله ، لأنهم كانوا يزعمون أنها تشفع لهم عند الله وقيل إنه أراد جميع من يصدقكم ويوافقكم على قولكم ، وأفاد بذلك عجز الجميع عنه في حال الاجتماع والانفراد ، كقوله : ( لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ) [ الإسراء : 88 ] .
فقد انتظمت فاتحة الكتاب من ابتدائها إلى حيث انتهينا إليه من سورة البقرة الأمر

33

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 33
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست