responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 299


باب ما يجوز للمعتكف أن يفعله قال الله تعالى : ( ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد ) يحتمل اللفظ حقيقة المباشرة التي هي إلصاق البشرة بالبشرة من أي موضع كان من البدن ، ويحتمل أن تكون كناية عن الجماع كما كان المسيس كناية عن الجماع وحقيقته المس باليد وبسائر الأعضاء ، وكما قال : ( فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم ) والمراد الجماع . فلما اتفق الجميع أن هذه الآية قد حظرت الجماع على المعتكف وأنه مراد بها ، وجب أن تنتفي إرادة المباشرة التي هي حقيقة ، لامتناع كون لفظ واحد حقيقة مجازا .
وقد اختلف الفقهاء في مباشرة المعتكف ، فقال أصحابنا : ( لا بأس بها إذا لم تكن بشهوة وأمن على نفسه ، ولا ينبغي أن يباشرها بشهوة ليلا ولا نهارا ، فإن فعل فأنزل فسد اعتكافه ، فإن لم ينزل لم يفسد وقد أساء ) . وقال ابن القاسم عن مالك : ( إذا قبل امرأته فسد اعتكافه ) . وقال المزني عن الشافعي : ( إن باشر فسد اعتكافه ) وقال في موضع آخر :
( لا يفسد الإعتكاف من الوطء إلا ما يوجب الحد ) .
قال أبو بكر : قد بينا أن مراد الآية في المباشرة هو الوطء دون المباشرة باليد والقبلة ، وكذلك قال أبو يوسف ، أن قوله : ( تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد ) إنما هو على الجماع . وروي عن الحسن البصري قال : ( المباشرة النكاح ) . وقال ابن عباس : ( إذا جامع المعتكف فسد اعتكافه ) . وقال الضحاك : ( كانوا يجامعون وهم معتكفون حتى نزل : ( ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد ) ) . وقال قتادة : ( كان الناس إذا اعتكفوا خرج الرجل منهم فباشر أهله ثم رجع إلى المسجد ، فنهاهم الله عن ذلك بقوله : ( ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد ) وهذا من قولهم يدل على أنهم عقلوا من مراد الآية الجماع دون اللمس والمباشرة باليد .
ويدل على أن المباشرة لغير شهوة مباحة للمعتكف ، حديث الزهري عن عروة عن عائشة ( أنها كانت ترجل رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو معتكف ) فكانت لا محالة تمس بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدها ، فدل على أن المباشرة لغير شهوة غير محظورة على المعتكف .
وأيضا لما ثبت أن الاعتكاف بمعنى الصوم في باب حظر الجماع ولم يكن الصوم مانعا من المباشرة أو القبلة لغير شهوة إذا أمن على نفسه ، وروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في آثار مستفيضة ، وجب أن لا يمنع الاعتكاف القبلة لغير شهوة . ولما كانت المباشرة والقبلة لشهوة محظورتين في الصوم وجب أن يكون ذلك حكمهما في الاعتكاف ، ولما كانت المباشرة في الصوم إذا حدث عنها إنزال فسد الصوم وجب أن يفسد الاعتكاف ، لأن

299

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 299
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست