responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 300


الاعتكاف والصوم قد جريا مجرى واحدا في اختصاصهما بحظر الجماع دون دواعيه من الطيب ودون اللباس .
فإن قيل : المحرم إذا قبل بشهوة لزمه دم وإن لم ينزل ، فهلا أفسدت اعتكاف بمثله ؟ قيل له : ليس الإحرام بأصل للاعتكاف ، ألا ترى أنه ممنوع في الإحرام من الجماع ودواعيه من الطيب ومحظور عليه اللبس والصيد وإزالة التفث عن نفسه وليس يحظر ذلك عليه الاعتكاف ؟ فثبت بذلك ان الإحرام ليس بأصل للاعتكاف ، وأن الإحرام أكبر حرمة فيما يتعلق به من الأحكام . فلما كان المحرم ممنوعا من الاستمتاع وقد حصل له ذلك بالمباشرة وإن لم ينزل ، وجب عليه دم لحصول الاستمتاع بما هو محظور عليه ، فأشبه الاستمتاع بالطيب واللباس ف ، لزمه من أجل ذلك دم .
فإن قيل : فلا يفسد اعتكافه وإن حدث عنها إنزال كما لا يفسد إحرامه ، قيل له : لم نجعل ما وصفنا علة في فساد الإعتكاف حتى يلزمنا علتها ، وإنما أفسدنا اعتكافه بالإنزال عن المباشرة كما أفسدنا صومه ، وأما الإحرام فهو مخصوص في إفساده بالجماع في الفرج وسائر الأمور المحظورة في الإحرام لا يفسده ، ألا ترى أن اللبس والطيب والصيد كل ذلك محظور في الإحرام ولا يفسده إذا وقع فيه ؟ فالإحرام في باب البقاء مع وجود ما يحظره أكبر من الاعتكاف والصوم ، ألا ترى أن بعض الأشياء التي يحظرها الصوم يفسده مثل الأكل والشرب وكذلك يفسد الاعتكاف ؟ فلذلك قلنا إن المباشرة في الاعتكاف إذا حدث عنها إنزال أفسدته كما تفسد الصوم ، ومتى لم يحدث عنها لم يكن لها تأثير في إفساد الاعتكاف كما لم تؤثر في إفساد الصوم .
واختلف فقهاء الأمصار في أشياء من أمر المعتكف ، فقال أصحابنا : ( لا يخرج المعتكف من المسجد في اعتكاف واجب ليلا ولا نهارا إلا لما لا بد منه من الغائط والبول وحضور الجمعة ، ولا يخرج لعيادة مريض ولا لشهود جنازة ) قالوا : ( ولا بأس بأن يبيع ويشتري ويتحدث في المسجد ويتشاغل بما لا مأثم فيه ويتزوج وليس فيه صمت ) وبه قال الشافعي : وقال ابن وهب عن مالك : ( لا يعرض المعتكف لتجارة ولا غيرها بل يشتغل باعتكافه ، ولا بأس أن يأمر بصنعته ومصلحة أهله وبيع ماله أو شيئا لا يشغله في نفسه ، ولا بأس به إذا كان خفيفا ) ، قال مالك : ( ولا يكون معتكفا حتى يجتنب ما يجتنب المعتكف ، ولا بأس بنكاح المعتكف ما لم يكن الوقاع ) . وقال ابن القاسم عن مالك : ( لا يقوم المعتكف إلى رجل يعزيه بمصيبة ، ولا يشهد نكاحا يعقد في المسجد يقوم إليه في المسجد ، ولكن لو غشيه ذلك في مجلسه لم أر به بأسا ، ولا يقوم إلى الناكح فيهنيه ، ولا يتشاغل في مجلس العلم ولا يكتب العلم في المجلس - وكرهه - ويشتري ويبيع إذا كان

300

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 300
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست