نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 140
باب جلود الميتة إذا دبغت قوله تعالى : ( إنما حرم عليكم الميتة والدم ) وقوله تعالى : ( قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما ) [ الأنعام : 145 ] يقتضي تحريم الميتة بجميع أجزائها ، وجلدها من أجزائها ، لأنه قد حله الموت بدلا من الحياة التي كانت فيه . إلا أن قوله : ( على طاعم يطعمه ) [ الأنعام : 145 ] قد دل على الاقتصار بالتحريم على ما يتأتى فيه الأكل ، وقد بين النبي عليه السلام هذا المعنى في جلد الميتة بعد الدباغ بقوله : ( إنما حرم أكلها وإنما حرم لحمها ) . وقد اختلف الفقهاء في حكم جلد الميتة بعد الدباغ ، فقال أبو حنيفة وأصحابه والحسن بن صالح وسفيان الثوري وعبد الله بن الحسن العنبري والأوزاعي والشافعي : ( يجوز بيعه بعد الدباغ والانتفاع به ) قال الشافعي : إلا جلد الكلب والخنزير . وأصحابنا لم يفرقوا بين جلد الكلب وغيره ، وجعلوه طاهرا بالدباغ إلا جلد الخنزير خاصة . وقال مالك : ( ينتفع بجلود الميتة في الجلوس عليها ويغربل عليها ولا تباع ولا يصلى عليها ) . وقال الليث بن سعد : ( لا بأس ببيع جلود الميتة قبل الدباغ إذا بينت أنها ميتة ) . والحجة لمن طهرها وجعلها مذكاة ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من الآثار المتواترة من الوجوه المختلفة بألفاظ مختلفة كلها يوجب طهارتها والحكم بذكاتها ، فمنها حديث ابن عباس قال : ( أيما إهاب دبغ فقد طهر ) وحديث الحسن عن الجون بن قتادة عن سلمة بن المحبق : أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى في غزوة تبوك على بيت بفنائه قربة معلقة فاستسقى فقيل : إنها ميتة ، فقال : ( ذكاة الأديم دباغته ) . وروى سعيد بن المسيب عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( دباغ جلود الميتة طهورها ) وسماك عن عكرمة عن سودة بنت زمعة قالت : كانت لنا شاة فماتت فطرحناها ، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( ما فعلت شأتكم ؟ ) فقلنا : رميناها ، فتلا قوله تعالى : ( قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه ) [ الأنعام : 145 ] الآية ( أفلا استمتعتم بإهابها ! ) فبعثنا إليها فسلخناها ودبغنا جلدها وجعلناه سقاء وشربنا فيه حتى صار شنا . وقالت أم سلمة : مر النبي صلى الله عليه وسلم بشاة ميمونة فقال : ( ما على أهل هذه لو انتفعوا بإهابها ! ) والزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة قالت : مر النبي صلى الله عليه وسلم بشاة لهم ميتة فقال : ( ألا دبغوا إهابها فانتفعوا به ! ) فقالوا : يا رسول الله إنها ميتة ، فقال : ( إنما حرم من الميتة أكلها ) في غير ذلك من الأخبار كلها يوجب طهارة جلد الميتة بعد الدباغ كرهت الإطالة بذكرها . وهذه الأخبار كلها متواترة موجبة للعلم والعمل قاضية على الآية من وجهين ، أحدهما : ورودها من الجهات المختلفة التي يمنع من مثلها التواطؤ والاتفاق على الوهم
140
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص جلد : 1 صفحه : 140