responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 139


فإن قيل : لما كان الجنين في حال اتصاله بالأم في حكم عضو من أعضائها كان بمنزلة العضو منها إذا ذكيت الأم فيحل بذكاتها ! قيل له : غير جائز أن يكون بمنزلة عضو منها لجواز خروجه حيا تارة في حياة الأم وتارة بعد موتها ، والعضو لا يجوز أن يثبت له حكم الحياة بعد انفصاله منها ، فثبت أنه غير تابع لها في حال حياتها ولا بعد موتها .
فإن قيل : الواجب أن يتبع الجنين الأم في الذكاة كما يتبع الولد الأم في العتاق والاستيلاد والكتابة ونحوها ! قيل له : هذا غلط من الوجه الذي قدمنا في امتناع قياس حكم على حكم آخر : ومن جهة أخرى أنه غير جائز إذا أعتقت الأمة أن ينفصل الولد منها غير حر وهو تابع للأم في الأحكام التي ذكرت ، وجائز أن يذكي الأم ويخرج الولد حيا فلا يكون ذكاة الأم ذكاة له ، فعلمنا أنه لا يتبع الأم في الذكاة ، إذ لو تبعها في ذلك لما جاز أن ينفرد بعد ذكاة الأم بذكاة نفسه .
وأما مالك فإنه ذهب فيه إلى ما روي في حديث سليمان أبي عمران ، عن ابن البراء ، عن أبيه : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في أجنة الأنعام أن ذكاتها ذكاة أمها إذا أشعرت ) . وروى الزهري عن ابن كعب بن مالك قال : ( كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون : إذا أشعر الجنين فإن ذكاته ذكاة أمه ) . وروي عن علي وابن عمر من قولهما مثل ذلك .
فيقال له : إذا ذكر الإشعار في هذا الخبر وأبهم في غيره من الأخبار التي هي أصح منه ، وهو خبر جابر وأبي سعيد وأبي الدرداء وأبي أمامة ، ولم يشترط فيها الإشعار ، فهلا سويت بينهما إذ لم تنف هذه الأخبار ما أوجبه خبر الإشعار ؟ إذ هما جميعا يوجبان حكما واحدا ، وإنما في أحدهما تخصيص ذلك الحكم من غير نفي لغيره وفي الآخر إبهامه وعمومه . ولما اتفقنا جميعا على أنه إذا لم يشعر لم تعتبر فيه ذكاة الأم واعتبرت ذكاة نفسه وهو في هذه الحالة أقرب أن يكون بمنزلة أعضائها منه بعد مباينته لها ، وجب أن يكون ذلك حكمه إذا أشعر ويكون معنى قوله : ( ذكاته ذكاة أمه ) على أنه يذكى كما تذكى أمه .
ويقال لأصحاب الشافعي : إذا كان قوله : ( ذكاته ذكاة أمه ) إذا أشعر ، ينفي ذكاته بأمه إذا لم يشعر ، فهلا خصصت به الأخبار المبهمة ؟ إذ كان عندكم أن هذا الضرب من الدليل يخص به العموم بل هو أولى منه . ومما يحتج به على الشافعي أيضا في ذلك ، قوله عليه السلام : ( أحلت لنا ميتتان ودمان ) ودلالة هذا الخبر يقتضي عنده تحريم سائر الميتات سواهما ، فيلزمه أن يحمل معنى قوله : ( ذكاة الجنين ذكاة أمه ) على موافقة دلالة هذا الخبر .

139

نام کتاب : أحكام القرآن نویسنده : الجصاص    جلد : 1  صفحه : 139
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست