رجلا يعرفون القراءة والكتابة [1] . ويقول ابن خلدون عن نوعية الخط عندهم " وكانت كتابة العرب بدوية وكان الخط العربي لأول الإسلام غير بالغ إلى الغاية من الإحكام والإتقان والإجادة ولا إلى التوسط ، ذلك لمكان العرب من البداوة والتوحش وبعدهم عن الصنائع . وانظر ما وقع - لأجل ذلك - في رسمهم المصحف حيث رسمه الصحابة بخطوطهم وكانت غير مستحكمة في الإجادة فخالف الكثير من رسومهم ما اقتضته رسوم صناعة الخط عند أهلها ، ثم اقتفى التابعون من السلف رسمهم فيها تبركا بما رسمه أصحاب الرسول " [2] . بل ربما كانوا يعتبرون القراءة والكتابة عيبا ، فقد قال عيسى بن عمر : قال لي ذو الرمة : ارفع هذا الحرف . فقلت له : أتكتب ؟ فقال بيده على فيه اي اكتم علي ، فإنه عندنا عيب [3] . وقال ابن خلدون بهذا الصدد : " مع ما يلحقهم من الأنفة عن انتحال العلم حينئذ ، لأنه من جملة الصنائع ، والرؤساء - أبدا - يستنكفون عن الصنائع والمهن وما يجر إليها " [4] . فالذي رواه الرواة والمؤرخون يفيد نفي وجود أي لون من ألوان التعليم ، أو وجوده ولكن بنسبة صغيرة جدا حيث لا يتجاوز عدد المتعلمين عدد أصابع اليدين والرجلين في كل بلدان الحجاز وحواضره .
[1] فتوح البلدان ق 3 : 580 . [2] مقدمة ابن خلدون : 419 . [3] الشعر والشعراء لابن قتيبة : 334 . [4] مقدمة ابن خلدون : 544 ، فصل " أن حملة العلم في الإسلام أكثرهم العجم " .