" لقد أوضح لنا الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في كلماته المتقدمة حالة العرب ومستواهم العلمي والثقافي ، وأنهم كانوا يعيشون في ظلمات الجهل والحيرة والضياع . . وهذا يكذب كل ما يدعيه الآخرون - كالآلوسي وغيره - من أن العرب كانوا قد تميزوا ببعض العلوم : كعلم الطب والأنواء والقيافة والعيافة . . . " [1] . ويقول ابن خلدون بهذا الصدد " إن الملة - العربية - في أولها لم يكن فيها علم ولا صناعة ، وذلك لمقتضى أحوال السذاجة والبداوة . . فالقوم يومئذ عرب لم يعرفوا أمر التعليم والتأليف والتدوين ، ولا دفعوا إليه ، ولا دعتهم إليه حاجة . . فالأمية يومئذ صفة عامة " [2] . ويقول عن علم الطب عند العرب : " . . طب يبنونه - في غالب الأمر - على تجربة قاصرة على بعض الاشخاص متوارثا عن مشايخ الحي وعجائزه ، وربما يصح منه البعض إلا أنه ليس على قانون طبيعي ولا على موافقة المزاج . وكان عند العرب من هذا الطب كثير ، وكان فيهم أطباء معروفون كالحارث بن كلدة وغيره " [3] . ويكفي أن نذكر هنا ما رواه البلاذري في أميتهم : إن الإسلام دخل وفي قريش سبعة عشر رجلا ، وفي الأوس والخزرج في المدينة إثنا عشر
[1] الصحيح من سيرة النبي الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) 1 : 48 . [2] مقدمة ابن خلدون : 543 . [3] مقدمة ابن خلدون : 493 .