ناصح حسود وكل شاكي خصم لدود . وإذا بالخليفة لمحض بلوغه امتناع الوليد من طلب ابن مسعود يخاطبه مخاطبة المهين الصعلوك المتطاول بقوله : وها أنت والمطالبة ؟ وهل أنت إلاّ خازن لنا ؟ نعم خازن لهم لا لبيت مال المسلمين . سترى بعد هذي تبديد عثمان بيوت مال المسلمين على ذويه الفجرة الفاسقين والمنافقين ، الذي أظهروا الاسلام وأخفوا الشرك والزندقة ، أمثال الوليد ومروان ومعاوية وأضرابهم ، نعم هذا خطاب عثمان لابن مسعود وتهديده له بقوله : ولا تعرّض الوليد فيما أخذ من المال . ونرى الصحابي العظيم يطرح المفاتيح قائلاً : كنت أظن أني خازن للمسلمين ، وأما وأنا خازن لآل أمية وآل بني معيط فلا حاجة لي إلى ذلك . راجع العقد الفريد ج 2 ص 272 ، والأنساب للبلاذري ج 5 ص 30 . وإذا بالوليد السيد المطاع الذي له التصرف ببيت المال ، بعد هذا ، وإذا به في هذه المرة يتجاهر ويتجاوز حدود الدين ، بل حدود الرجل المتظاهر ، وكل مظهر محتشم ، فيشرب الخمرة بدرة يفقد بها وعيه وتلعب بلبه ، وأعجب من هذا الفاسق الفاجر يبدأوها منذ الصباح الباكر ، وقبيل صلاة الصبح ، ويأتي مسجد الكوفة إماماً للمسلمين ليصلي بهم والخمرة تعط من فيه ، وتلعب بلبه ، فيصلي بالناس أربعاً ، ويتلو عليهم في القنوت هذا البيت : ملك القلبَ الربابا * بعد ما شابت وشابا حتى إذا فرغ من صلاته خاطبهم : هل أزيدكم ؟ ثم يتقيأها في المحراب . فيحمل عليه المسلمون بالحصى ولا يجد ملجاً سوى داره فيفر إليها . ويقوم النذير بين المسلمين عليه وعلى الخليفة الذي حملهم إياه ، بهذا الأمير الفاجر السكير المتهتك ، فتقدم الوفود إلى المدينة شاكية تطلب اصلاح الأمور من