له مهما كان . ولا ننسى فتكه بأبي ذر الغفاري أصدق من أقلته الأرض ، الزاهد التقي البار المؤمن الفذ الصحابي العظيم ، وغيره وغيره . ولا ننسى مقابلته لسيده وإمامه أعلم الأمة ووصي رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله ) وأخوه وباب علمه ، والفاروق الأعظم والصديق ، والذي قال فيه رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله ) : « علي أعلمكم وأقضاكم ، علي لا يحبه إلاّ مؤمن ولا يكرهه إلاّ منافق وكافر » ونراه يقدم مروان عليه طريد رسول اللّه ولعينه ، أخبث من أقلته الغبراء . نعم كان عثمان يعتقد أن ما يفعله مهما خالف الكتاب والسنّة والاجماع ، ومهما خالف المنطق والوجدان إنما هو حق من حقوقه المشروعة التي لا يرى لأحد حق البحث فيه ، مهما بلغ من المكانة وكائناً من كان ، ومهما أجمعت عليه الأمة ، وذلك ما كان يعتقده به عمر نفسه الذي شيّد ملكه وملك بني أمية ونبّأه بما سيصيبه ، وهكذا كان . فنرى عمر يقدمها لعثمان في الشورى ويحكم أمره بولاية معاوية في الشام وابن العاص في مصر كما صرّح بذلك وهدد علياً بهما ان خالف ، ومن جهة أخرى فنراه ما استطاع حط من كرامة بني هاشم ولم يترك لأحدهم يداً أو امارة أو مكانة متعمداً وفعل خلاف ما قال حين قال إنه يجب أن يقدم الأسبق فالأسبق ، فهي للمهاجرين قبل الأنصار ، وللبدريين ما وجدوا ، وبعدهم الأحديون ثم الأحزاب ، وهكذا وليس للطلقاء نصيب ، ولكنه عملاً قدم الطلقاء ، أبا سفيان وأبنائه وعثمان وآل معيط . أما عثمان فجعل مروان وزيره الأول ومستشاره ، ومعاوية والوليد وابن أبي السرح والحكم وسعيد ولاته وأعوانه وأخصائه ووزع بينهم أموال المسلمين وبقاع الاسلام فجعلهم القادة والولاة والسادة ولهم الأمر والنهي .