رمتمونا ليمرّن عليكم منا أمر لا يسركم ولا تحمد غب رأيكم ، ارجعوا إلى منازلكم فانا واللّه ما نحن مغلوبين على ما في أيدينا . ترى مروان كيف صرح للناس أن ذلك ملك بني أمية وانها ليست خلافة ولا دين وهم في هذا الوضع من الضنك والضيق ؟ ولا يخفى على السامع أن قول مروان ذلك إنما يشد أزر ما وصله من وصول الامداد ، وما تهيأ له لضرب المسلمين بالقوة . فإلى من يفزع الناس إلاّ إلى الضامن والشهود وأكابر الصحابة وأقطاب المسلمين ، ولذا نراهم يلوذون بعليٍّ فزعين من هذا النكث السريع والخذلان المعجل ، والخليفة المفروض على الأمة فرضاً . فأي خليفة هذا ؟ وأية سيرة هذه ؟ وأي تلاعب بمقدرات أمة تحمل عقيدة كأحسن ما أنزل اللّه للبشر أصبحت ألعوبة لصبيان الأمويين وأنذالهم وشهواتهم . وهكذا توافدت الأنباء وتأزمت الأوضاع ، وثارت ثائرة الغيارى من ذوي الدين والعدالة والشهامة ووجه اللوم والعتاب إلى رجل الأمة العظيم يطلبون منه ضمانه فلم يجد علي ( عليه السلام ) بداً بعد أن وجد عثمان وضعفه ومروانه وتلاعبه ، وهو يقول عياذ اللّه يا للمسلمين ، اني إن قعدت في بليتي قال لي تركتني وقرابتي وحقّي ، واني إن تكلمت فجاء ما يريد يلعب به مروان فصار سيقة له يسوقه حيث شاء بعد كبر السن وصحبة رسول اللّه ( صلى الله عليه وآله ) . وذكر البلاذري أن علياً جاء مغضباً حتى دخل على عثمان ، فقال : أما رضيت من مروان ولا رضى منك إلاّ بتحرّفك عن دينك وعن عقلك ، مثل جمل الضعينة يقاد حيث يسار به ! واللّه ما مروان بذي رأي في دينه ولا نفسه ، وأيم اللّه اني لأراه سيوردك ثم لا يصدرك ، وما أنا عائد بعد مقامي هذا لمعاتبتك ، أذهبت شرفك وغلبت على أمرك ؟